قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ ?للَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَلِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ((البقرة ـ 279).
أيهاالإنسان.. هل يمكنك شنُّ حربٍ مع الله؟! مهما كانت قدرتك أو كان حجمك أو كان عدد أفراد جيشك، إن امتلكت جيشًا، هل يمكنك أيها الإنسان الضعيف أن تحارب ربك، الذي خلقك، وسواك، ورزقك، وشفاك من الأمراض، وحماك من نوائب وشرور الدنيا، والله أبدًا ما يمكنك يا إنسان، فلماذا إذن تفكر في أخذ الربا؟! وأنت تعرف أنك بهذا تشنُّ حربًا على الله، فوق أرضه، وتحت سمائه.
انظر أيها الإنسان في الآية لتعرف قدر هذا التهديد والوعيد الأكيد لمن تهاون وتساهل في أخذ وقبول الربا، من ربك القادر على كل شيء، وفكّر مليًّا.. هل من الصواب أن تفعل شيئًا يُغضب ربك لدرجة أن يتخذك عدوًّا له في الأرض؟!
يا أيها الإنسان.. إن الربا كبيرة من كبائر الذنوب ومرضٌ اجتماعي يزرع العداوة والكراهية في المجتمع، ويقضي على روح التكافل والتسامح فيه، فضلًا عن كونه السبب الأساسي للمشاكل الاقتصادية في المجتمعات بأسرها، وارتفاع أسعار السلع والمنتجات، وزيادة الفروق الطبقية والأحقاد النفسية بين أبناء الوطن الواحد، إلى غيرها من الأمراض التي لا علاج لها.
قال تعالى:(وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ((البقرة ـ 280).
ربك الذي حرَّم الربا وعدَّ إعلانًا للحرب عليه هنا يدعو إلى التيسير على المُعسِر، وأوضح أن الخير العظيم في التصدق والتراخي في المطالبة بالدَّين حتى ييسر الله للمدين ويستطيع السداد.
كما أمرنا الله عزَّ وجلَّ كثيرًا بإيتاء الزكاة وإخراجها لمساعدة الفقراء والمحتاجين، ولو أننا استمعنا ونفَّذنا جميعًا لما بقي على الأرض مُحتاج، ولا مديون، ولا فقير، ولا مريض.
فهذه الصورة الجميلة التي رسمها الله سبحانه وتعالى للمجتمع الإسلامي الذي يسوده التكافل والتراحم والتواد، وما أجمل النتائج التي يؤدي إليها تنفيذ وصايا الله في أرضه، وما أجمله المجتمع الذي يملؤه الرحمة والتكافل والمساندة، والإعانة على البر والتقوى، والتناهي عن الإثم والعدوان.
إذا كنت استمعت ونويت ترك ما نهى الله عنه وأخذ ما أمر الله به فهنيئا لك بالنجاة من حرب الله، ودخولك في زمرة عبادة الطائعين، خَلِّص نفسك الآن من هذا الإثم العظيم، وطهَّر مالك من الربا، وانتهِ، وامتنع، واغلق هذا الباب بلا رجعة.. رَحِمك الله.
وتذكر دائمًا قوله الله تعالى:(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)(البقرة ـ 281).


حسين بن علي السرحاني
كاتب عماني
hussein_alsarhani@