تُعدُّ سلطنة عُمان من أوائل الدوَل في المنطقة التي أدركت أهميَّة الهيدروجين الأخضر كمَصدر للطاقة المُتجدِّدة، وسَعَتْ وفق التوجيهات السَّامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى مسابقة الزمن لتعزيز الفرص الاستثماريَّة والسَّعي لكَيْ تكُونَ مركزًا عالميًّا لإنتاج الهيدروجين الأخضر في ظلِّ توافُر المُقوِّمات التي تؤهِّلها للانطلاق والرِّيادة في هذا القِطاع الواعد؛ إيمانًا من جلالته بأهميَّة هذا النَّوع من الطَّاقة. لذا عملت على المحافظة على تنافسيَّة إنتاج الهيدروجين الأخضر، وسارعت في إجراءاتها لكسْبِ ثقة المستثمرين في الإقبال على الفرص الاستثماريَّة؛ إيمانًا منها بِدَوْرِ الهيدروجين الأخضر في التنمية الاقتصاديَّة ودعم خطواتها نَحْوَ التنويع المأمول، بالإضافة إلى تعزيز أمن الطَّاقة والحفاظ على البيئة.
كان الاهتمام السَّامي من لدن جلالته ـ أيَّده الله ـ بمشاريع الهيدروجين الأخضر، وإطلاق أوامره السَّامية بضرورة الإسراع في وضع الأُطر التنظيميَّة والقانونيَّة والسياسات اللازمة لنُموِّ قِطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان وتخصيص الأراضي المناسبة لمشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر، والعمل ـ في سبيل تحقيق ذلك ـ على عدَّة مسارات متوازية، لمسابقة الزمن إدراكًا من عاهل البلاد المُفدَّى بالتنافسيَّة الشديدة التي سيشهدها العالم لجذب رؤوس الأموال المستثمرة لهذا القِطاع.
وانطلاقًا من الأهميَّة العالميَّة والمحليَّة للتوجُّه إلى الاقتصاد الأخضر، والذي يُعدُّ الاستثمار في الهيدروجين الأخضر أحَدَ أهمِّ خطوات تحقيقه، جاءت خطَّة التحوُّل نَحْوَ بدائل الطَّاقة واستكشاف وتطوير الفرص وتعظيمها في الاقتصاد الأخضر، خصوصًا مع إعلان البلاد عن التزامها بالوصول للحياد الصفريِّ الكربونيِّ بحلول العام 2050م.
لقد كان لهذه الرؤية السَّامية الثاقبة دَوْرٌ مُهمٌّ في تذليل وتسريع الإجراءات المطلوبة لتحقيق تلك الأهداف، وكان من نتائج ذلك وأهم ثماره هو توقيع شركة هيدروجين عُمان (المملوكة لشركة تنمية طاقة عُمان) على (6) ستِّ اتفاقيَّات للشروط التجاريَّة الملزمة للاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر بسلطنة عُمان، باستثمارات إجماليَّة تتجاوز (20) عشرين مليار دولار أميركي خلال السنوات السَّبْع المقبلة، مع مطوِّرين من عدَّة دوَل، هي: بلجيكا ونيذرلاندز والمملكة المُتَّحدة واليابان وسنغافورة وألمانيا والهند والكويت والإمارات، لِيكُونَ ذلك خطوة كبرى لتوطين هذه الصناعة الجديدة في البلاد، حيث تصل سعة إنتاج هذه المشروعات إلى 15 جيجا واط من الكهرباء.
إنَّ هذه الاتفاقيَّات تُعبِّر عن الخطوات المُهمَّة التي اتَّخذتها السَّلطنة لِمُواكبة التحوُّلات العالميَّة في الطَّاقة وقضايا المناخ خلال الفترة الماضية، خصوصًا مع وضع ملامح استراتيجيَّة الهيدروجين الأخضر، والانتهاء من مراجعة الأُطر التنظيميَّة والقانونيَّة وإعداد السياسات اللازمة للمُضيِّ قُدمًا في مشاريع وخطط التحوُّل للطَّاقة الخضراء، حيث يُتوقَّع نتيجة تلك الاتفاقيَّات أنْ يتمَّ إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان بَيْنَ عامَيْ 2028 و2030م، سواء لاستخدامه في الصناعات المحليَّة أو التصدير، خصوصًا أنَّه سيتمُّ استلام عطاءات المزايدة الأولى التي أُعلِن عنها في شهر نوفمبر 2022م خلال هذا الأسبوع على أنْ يتمَّ الإعلان عن العطاءات الفائزة خلال الأسابيع القادمة، وفق ما أعلن المسؤولون.