مسقط ـ العُمانية: (ثمة تشكل نوعي لحركة الفن التشكيلي في سلطنة عُمان التي بدأت منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي، وتبلورت من خلال توجه رسمي في عدد من المؤسسات ذات العلاقة، من بينها وزارة الإعلام وشؤون الشباب ـ آنذاك ـ). بهذه العبارة بدأ الفنان التشكيلي العُماني منير الساجواني سرد مسيرته الفنية وواقع الفن البصري الخاص به، حيث تأسست اللبنات الأولى لهذا المسار الذي أوجد بعد حين تفردًا في التجربة الفنية ونضجها. ويشير الساجواني إلى أن مسيرته بدأت مع مجموعة من الفنانين التشكيليين، منهم أنور بن خميس سونيا والراحل عيسى بورك، والتي شكّلت مرحلة استثنائية ـ حسب تعبيره ـ وعزز تلك المسيرة المسؤولية الرسمية بذات الفنان والنهوض بأعماله محليًّا وعربيًّا.
وقد شارك الفنان الساجواني مؤخرًا ضمن معرض فني أقيم بالنادي الثقافي بمشاركة رواد الفن في سلطنة عُمان، وعبّر عن سعادته لعودته للفن بعد سنوات من الانقطاع التي تأثرت بظروف اجتماعية وعملية في آنٍ واحد. وقد أنجز لهذا الغرض لوحتين تشكيليتين، لتكون ذا حضور معنوي، وقال: هذا المعرض يعيدني إلى السنوات الأولى في مسيرتي وأنا ألتقي بمجموعة فنية أعتبرها من رواد الحركة التشكيلية في عُمان، وأتمنى أن تستمر هذه المعارض على مدى السنوات المقبلة ولا تتوقف عند وقت معين.
وفي إطار النتاج الفني يقول الساجواني: السنوات التي عشتها مع زملاء اللون والفرشاة أكدت على الوعي في الشأن الفني، وقد رسخت لدى المتلقي الكثير من الأفكار الفنية وتنوعها، نظرًا للتنوع في التوجهات الفنية التي قدمها زملاء الفن آنذاك بين النحت والتشكيل والرسم، ومن بينهم الراحلون أيوب ملنج البلوشي ومحمد نظام شاه وحسن عيسى بورك، بالإضافة إلى أنور خميس سونيا وحسن عبدالخالق ورابحة محمود وعبدالله الريامي ولال بخش علي ومحمود يوسف مكي، الذين أثروا الحركة الفنية في بداية عهدها وأسهموا بما لديهم من مواهب في تقديم النموذج الأول للوحة الفنية، وكان مرسم الشباب حينها هو المؤسسة الراعية لهذه الكوكبة إلى جانب بعض الأندية في محافظة مسقط.
وتطرّق الساجواني إلى فكرة إنشاء مرسم الشباب، وقال: إنها جاءت بتوجيه من السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ بتنسيق مع عدد من المؤسسات ذات الصلة، وقد تدرّج على تولي إدارة العمل فيه مجموعة من المهتمين، منهم الدكتور بهاء عشم خبير الفنون التشكيلية من جمهورية مصر، ومحمود بن يوسف مكي، وعيسى بن شهداد ومصطفي بط، وصاحب إنشاء المرسم تنفيذُ العديد من الدورات التدريبية الفنية وحلقات العمل، التي صقلت المواهب التي ترتاد المرسم، كما صاحب ذلك الحراك دعم إعلامي واضح من قبل المؤسسات الإعلامية العاملة في سلطنة عُمان؛ ما عزّز الحضور الفني للوحة العُمانية في المحافل المحلية والإقليمية والدولية.
وذكر الساجواني بعض التحديات التي كان تواجه الرعيل الأول من الفنانين، منها قلة المعلومات والمصادر الفنية، يضاف إليها الأدوات التي تُمكّن الفنان من القيام بشغفه الفني، والتحدي الأكبر كان عدم تفرغ الفنان بشكل كلي لإنجاز نشاطه الفني، كما كان يواجه الفنان عددًا من الإشكاليات خاصة في شأن التواصل مع الفنان الخليجي والعربي، نظرًا لقلة المعلومات عنهم أو عدم القدرة على التواصل معهم والتعرف عليهم عن قرب.
ويشير الفنان الساجواني إلى أن الحركة الفنية في منتصف السبعينات كانت رائعة، فهناك إقبال مميز في اقتناء اللوحات، سواء من قِبل الأفراد أو المؤسسات الرسمية والخاصة، وهذا ما أوجد مساحة للتواصل في الساحة الفنية التشكيلية، ويعود الساجواني إلى عام 1978م حيث أقام نادي النهضة أول معرض فني رسمي تحت إشراف الدكتور فؤاد بن جعفر الساجواني، والفنان علي حبيب مال الله، بمشاركة عُمانية وبعض الجاليات العربية.