ذكر بعض القراء لي مقالي الأخير، "لماذا ستستسلم أوروبا لليونان"؛ فأوروبا لم تستسلم، هكذا قالوا مبتسمين ـ بل اليونان استسلمت لأوروبا.
حسنا، هذا صحيح، لم تسر الأمور كما كنت أتوقع عندما كتبت هذا المقال في نهاية يناير. يمكنك الاعتماد على اختلال وظيفي في الاتحاد الأوروبي، ولكن نادرا ما يكون إلى هذه الدرجة. ومع ذلك، فإنه من المبكر جدا القول من فاز على من. أكثر ما يمكن أن نقول في هذه اللحظة هو إن هذه ليست طريقة لتشغيل الوحدة النقدية.
قبل الوصول إلى طريق مسدود في الآونة الأخيرة، كانت اليونان قد تخلت فعلا عن مطالبها الصريحة بشطب الديون، والخروج من "الترويكا" (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي)، وخروج نظيف من برنامج الإنقاذ لها. وكان هذا استسلاما من نوع ما، ولكن ليس مترتبا على ذلك، لأنه كان يتعلق بالتخلي عن المواقف السياسية أكثر من تقديم تنازلات حقيقية.
هل هناك إعفاء من الديون صريح؟ سيكون من الأفضل إذا منح الدائنين ذلك، وفي النهاية، فإنهم على الأرجح سيفعلون. لكن في الوقت نفسه هناك طرق أخرى لتوفير الإغاثة (استحقاق طويل الأمد، وانخفاض أسعار الفائدة، والمحاصيل المرتبطة بالنمو في الناتج المحلي الإجمالي، وهكذا دواليك). هذه البدائل لا تزال على الطاولة.
لا مزيد من الترويكا؟ بالفعل قدمت مقترحات إلى "المؤسسات"، ولكن حتى هنا، لاحظ أن الخطاب المرسل من وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس يتحدث عن فعل الأشياء بالاتفاق مع المؤسسات، وليس حول قبول تعليماتهم. في وقت سابق هذا الشهر، قال بالفعل: "لقد رفض المواطنون لدينا دور"الترويكا" في اليونان ولكن سوف تقوم حكومتنا بالحفاظ على الحوار ومواصلة التعاون التام مع المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي كدولة عضو بدول الاتحاد الأوروبي ".
أيضا، المؤسسات ليست سعيدة. فلكي نتعامل مع خطر فوري، قبلت هذه المؤسسات بلغة جوفاء من بيان مجموعة اليورو ـ الذي يقول إن الاقتراح اليوناني الأخير "شامل بما فيه الكفاية ليكون نقطة انطلاق صالحة لنهاية ناجحة لعملية المراجعة" ـ ولكن لديها تحفظات كبيرة. ويقول صندوق النقد الدولي، "في أجزاء غير قليلة من الخطاب، بما في ذلك ربما أهمها، لا ينقل تأكيدات واضحة بنية الحكومة إجراء الإصلاحات المتوخاة في المذكرة المتعلقة بالسياسات الاقتصادية والمالية".
وباختصار، فإن اليونان لم تخضع حقا لحكم الترويكا ـ ولو خضعت لكانت الترويكا على ما يبدو رفضت عرضها.
وأخيرا، هل هذا خروج نظيف من برنامج الإنقاذ؟ هذا يعتمد على ما تعنيه كلمة نظيف. ومن المثير لا ريب للبعض ما إذا كانت الأشهر القليلة المقبلة من الدعم المالي، إذا تم منحها، ستصل إلى مد برنامج الإنقاذ، أو تمديد القرض وليس تمديد البرنامج، أو ترتيب سد فجوة، أو اختتام ناجح لمراجعة قائمة، أو نقطة انطلاق صالحة مؤقتا لمناقشة أولية لمذكرة سد فجوة ممتدة بمرونة وفقا للظروف. من الآن وحتى ظهور برنامج اليونان الجديد، كل ما يهم فاروفاكيس وشركاه هو أنهم ليسوا ملزمين بكل الوعود التي قطعها أسلافهم، وأن بوسعهم أن يجدوا المال اللازم لتلبية التزامات اليونان لخدمة سداد ديونها في الأشهر القليلة المقبلة.
في نهاية الأسبوع الماضي، كانت اليونان مهددة بتوقف دعم السيولة اللازمة ما لم تلتزم دون قيد أو شرط بالبرنامج القائم. لكنها لم تقدم هذا الالتزام. ويبدو أن المبدأ القائل بأن المرونة ستظهر أثناء الانتقال إلى برنامج جديد قد تم القبول به؛ وأن التهديد المالي قد تم رفعه ـ في الوقت الراهن.
يمكنك أن تقول إن أيا من الجانبين فاز على الآخر، وذلك لأن لا شيء تقرر. إن الخطر المباشر للهرولة على البنوك اليونانية قد خف، ولكن يمكن أن يستأنف في أي لحظة. ولسوف تستمر المناقشات بشأن الإغاثة قصيرة الأجل بينما المحادثات بشأن البرنامج الجديد لم تبدأ حتى الآن.
والشيء الرئيسي هنا أنه كانت هذه أزمة، لا تزال دون حل، والذي أرادها في المقام الأول هم القادة في منطقة اليورو. لم تكن هناك حاجة ليسمحوا بحدوث ذلك. فقد كان من الممكن لليونان ويجب أن تمنح بهدوء متنفسا ماليا للتفاوض على برنامج جديد قبل أسابيع مضت.
إنه سوء الإدارة على نطاق ملحوظ. وأعترف أنني كنت مخطئا. أنا فقط كنت أحسب أن زعماء أوروبا كانوا قادرين على ذلك.


كليف كروك
عضو هيئة التحرير في بلومبيرج فيو
خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز ـ خاص بـ"الوطن"