مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ يؤكد دائما على أن صنع الإنسان وتنميته هو الطريق الأمثل للوصول للمستقبل المشرق.. إيمانا من جلالته أن عقل المواطن وأفكاره وسواعده هي التي ستبني قواعد الوطن وأعمدته.. لذلك نرى أن المواطن العُماني كان الهدف الأساسي من خطط التنمية وخاصة فئة الشباب الذين هم سواعد أي أمَّة.. فحرصت بلادنا على دعمهم في مختلف المجالات وفتحت لهم الباب للمساهمة بفاعلية في صنع المستقبل، ولم تألُ قيادتنا الحكيمة جهدا من أجل توفير كل الإمكانات للشباب من أجل تعزيز قدراتهم وتطوير مهاراتهم حتى يكملوا مسيرة النهضة بنجاح ويصلوا بالبلاد للتنمية المستدامة المنشودة ويضعوا وطننا في المكانة اللائقة به دوليًّا.
وملتقى «معًا نتقدم» الذي نظمته الأمانة العامة لمجلس الوزراء برعاية صاحب السُّمو السَّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب خير دليل على أن سياسة سلطنة عمان الرشيدة لم تتغير في اعتبار المواطن شريكا أساسيا للتنمية رغم توسع الرقعة العمرانية وانتشار مظاهر النهضة في كل مكان.. بدليل أنه عندما وضعت قيادتنا الحكيمة رؤية 2040 المستقبلية لم تغفل دور المواطن ورأيه في الأهداف التي تسعى لتحقيقها حتى ذلك الوقت فحرصت على استشراف رأيه ونظرته لما يجب أن تكون عليه بلادنا وكيفية تحقيق التنمية المستدامة من خلال المبادرة الاتصالية ملتقى «كل عُمان» التي جابت مختلف المحافظات للالتقاء بالمواطنين على مختلف شرائحهم وتخصصاتهم واهتماماتهم وإقامة حوار موسع وبناء معهم حول الرؤية المستقبلية وهذا بالطبع يساهم بشكل كبير في نجاحها ويسهم في تحقيق أهدافها المنشودة فإتاحة المجال أمام المواطنين لطرح أفكارهم وتصوراتهم لما يحقق مصلحة الوطن والمواطن يضفي على الرؤية الشمولية والعمق والثراء ويسهم في إنجاحها ويستشرف متطلبات المواطنين وطموحاتهم، وهو ما يكسب مسيرتنا الشامخة دائما القوة والشمولية ويسرّع من وتيرتها نظرا؛ لأن القرارات التي تتخذها الحكومة تراعي في المقام الأول رغبات ومتطلبات الشعب الوفي مما يؤدى إلى أن يعم الرخاء والخير كل شبر بالبلاد.
ثم يأتي ملتقى «معًا نتقدم» ليثبت من جديد أن المواطن ما زال شريكا أساسيا في مسيرة التنمية والنهضة المباركة وأن الدولة حريصة على إشراكه في اتخاذ القرار.. ومن خلال هذا الملتقى أستطيع أن أقول إنني أرى الشعب الوفي بكل فئاته برجاله ونسائه وشبابه وأطفاله يمسك كل منهم يد الآخر ويسير بالبلاد نحو المستقبل المشرق والتقدم والرقي متحديا كل الصعاب ومجتازا لكل العقبات.. فالنجاح هنا مشترك والهدف واحد وهو التنمية المستدامة للوطن والمواطن. لا شك أن الشراكة المجتمعية وفتح قنوات التواصل بين المواطنين والمسئولين يقضي على نقاط الاختلاف في وجهات النظر بينهم ويوحد رؤاهم ويقلل التعقيدات التي قد تعترض المسيرة ويسرع من تطبيق الخطط المرسومة في مختلف القطاعات إلى جانب أنه يرتقي بالعُماني؛ لأن الأساس الذي تقوم عليه الرؤية متين ويراعي متطلباته في المقام الأول.. فالمواطن المعاصر أصبح على قدر كبير من الوعي نتيجة انفتاحه على الحضارات الأخرى فنراه صار قادرا على تحديد أهدافه ورسم تصور تنموي لبلاده كي تواكب الدول المتقدمة الأخرى. إن المحاور الثلاثة التي ناقشها الملتقى بشفافية ومصداقية وهي رؤية عُمان2040، والإجراءات المختلفة التي اتخذت في ظل المتغيرات الاقتصادية عالميًّا، وآليَّات التعامل مع ملف التشغيل تؤكد على أن الدولة حريصة على وجود حلول عملية وعلمية للتحدِّيات التي تحدق بالوطن والمواطن.. ولكي تكون هذه الحلول مجدية من الأفضل أن تكون نابعة من قلب الشعب وفكره خاصة فئة الشباب الذين يقودون دفة التطوير ويرسمون بإبداعاتهم خارطة الطريق نحو التقدم والمجد والبناء. إننا مقبلون على مرحلة فارقة في عمر الوطن وعلى كل منا أن يعمل في مجاله بما يحقق للبلاد التنمية المستدامة المنشودة فيتسع في رؤيته لتتجاوز مصالحه الشخصية وتشمل حدود الوطن ككل.. فالأهداف كثيرة والطريق ما زال طويلا وبتكاتفنا وولائنا لوطننا ووقوفنا صفًّا واحدًا نستطيع بإذن الله تحقيقها جميعها بكل جدارة واقتدار وأكثر.. فسلطنة عُمان تسير نحو التقدُّم والرُّقي بعزيمة لا تعرف الكلل أو الملل وبجهود السواعد الفتية سوف تكتمل الصورة المشرقة المضيئة للوطن الغالي.
وفق الله قيادتنا الحكيمة وحكومتنا الرشيدة للنهوض بالبلاد وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة وتوفير الاستقرار والأمان والرخاء للمواطنين.
**********
في وقت الأصيل أخذني كما أخذ غيري حالة من الاندهاش أفقت منها وكأنَّ يدًا حانية تأخذني لتدفع بي في بحار من الأنوار وكأنَّ صاحبها يقول لم يعد بينك وبين هذه البحار سوى قاب قوسين أو أدنى..
أفقت من دهشتي وأنا أنظر ناحية الغروب وكأن الشمس تصافحني وتقول لي انتظرني غدًا في وقت الشروق فسآتيك بوجه جديد عليه زينة الحياة الدنيا وبهاء الآخرة. وانصرفت ولكن الجو لم يظلم كعادته مع مغيب الشفق الأحمر وتساءلت: ماذا حدث؟ قالوا: لقد أظلنا شهر عظيم هو شهر رمضان المبارك.. قلت: وما خواصه؟.. فسمعت صوتا من داخلي يقول: لقد صفدت الشياطين وغلقت أبواب النيران وفتحت أبواب الجنة.. قلت: وعلى ما يدل ذلك؟.. فسمعت صوتًا من داخلي يقول: إنها أيام يتحدث فيها الله إلى عباده يسمعهم الكلم الطيب.. فقلت: وما أول كلمة يمكن أن يسمعها المؤمن من ربه مع مقدم شهر رمضان ومطلع هلاله فسمعت الكون من حولي يقول: إن أول كلمة هي قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم» فأخذت أتأمل ولا مجال للتأمل إنه خطاب الخالق للمخلوق، إنه حديث الراحم للمرحوم إنه أنس العبد بربه.


ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني