أصبح إعلان تطوُّرات الناتج المحلِّي الإجماليِّ للدوَل من الأساسيَّات التي تحرص الدوَل على عرضها، فهو واحد من أكثر المقاييس المستخدمة على نطاق واسع لإنتاج الاقتصاد، حيث يُعدُّ الناتج المحلِّي الإجماليُّ مؤشِّرًا دقيقًا لحجم الاقتصاد، وربما يكُونُ معدَّل نُمو الناتج المحلِّي الإجماليِّ أفضل مؤشِّر للنُّمو الاقتصاديِّ، كما يُعدُّ التطوُّر الإيجابيُّ للناتج المحلِّي الإجماليِّ دليلًا على قدرة الاقتصاد الوطنيِّ بالمقارنة مع اقتصادات الدوَل الأخرى، حيث يحرص الاقتصاديون والمحللون والمستثمرون وصانعو السياسة على متابعة بيانات الناتج المحلِّي الإجماليِّ. فالشركات المحلِّية أو المستثمرة في الداخل تضع استراتيجيَّة أعمالها من خلال قراءتها المتأنية للناتج المحلِّي الإجماليِّ، كما يقوم الراغبون في الاستثمار بمتابعة معدَّلات نُمو الناتج المحلِّي الإجماليِّ لتحديد الدوَل المناسبة للاستثمار.
ومن هذا المنطلق ووفقًا لِما أظهرته الإحصاءات، الصادرة عن المركز الوطنيِّ للإحصاء والمعلومات، عن تسجيل الناتج المحلِّي الإجماليِّ بالأسعار الجارية لسلطنة عُمان بنهاية شهر ديسمبر من عام 2022م ارتفاعًا بنسبة 30,0 بالمائة، ليصل إلى 44 مليارًا و89 مليونًا و500 ألف ريال عُماني، مقارنةً بنهاية شهر ديسمبر من عام 2021م، والتي بلغ الناتج المحلِّي الإجماليُّ بالأسعار الجارية خلالها 33 مليارًا و909 ملايين و800 ألف ريال عُماني، فإنَّ الأرقام تشير بوضوح على مدى التطوُّر الذي يشهده الاقتصاد الوطني في العديد من القِطاعات، وعلى رأسها الأنشطة النفطيَّة التي شهدت نُموًّا في نهاية شهر ديسمبر من عام 2022م بنسبة 61.6 بالمائة، مسجِّلةً 16 مليارًا و619 مليونًا و700 ألف ريال عُماني، مقارنةً بـ10 مليارات و287 مليونًا و500 ألف ريال عُماني بنهاية شهر ديسمبر من عام 2021م.
وبالرغم من الطفرة الكبرى التي حققتها الأنشطة النفطيَّة، إلَّا أنَّ المؤشرات تشير إلى أنَّ الأنشطة غير النفطيَّة قد حققت نُموًّا بنسبة 16.9 بالمائة، مرتفعةً من 24 مليارًا و734 مليونًا و900 ألف ريال عُماني بنهاية شهر ديسمبر 2021م، إلى 28 مليارًا و925 مليونًا و900 ألف ريال عُماني بنهاية شهر ديسمبر 2022م، وهو ما يعكس قوَّة ومتانة الاقتصاد الوطنيِّ في توجُّهه نَحْوَ التنويع الاقتصاديِّ المأمول، حيث يُعدُّ هذا المؤشر من أهمِّ المؤشرات الكلِّية التي تعكس حال الاقتصاد الوطنيِّ وتطوُّرات السوق على سنوات متتالية، ومدى مساهمة القِطاع الخاصِّ في الناتج المحلِّي الإجماليِّ.
وبنظرة عامَّة نجد أنَّ القِطاعات التي استهدفتها رؤية عُمان 2040، قد حققت تطوُّرًا ملموسًا، فقد سجَّل إجمالي الأنشطة الصناعيَّة نُموًّا بنسبة 23.5 بالمائة من 6 مليارات و882 مليونًا و300 ألف ريال عُماني بنهاية شهر ديسمبر 2021م إلى 8 مليارات و501 مليون و900 ألف ريال عُماني بنهاية شهر ديسمبر 2022م، وسجَّلت أنشطة الزراعة والحراجة وصيد الأسماك نُموًّا بنسبة 12.8 بالمائة من 719 مليونًا و200 ألف ريال عُماني إلى 811 مليونًا و500 ألف ريال عُماني خلال الفترة نفسها من العام الحاليِّ، فيما سجَّلت الأنشطة الخدميَّة نُموًّا بنسبة 14.5 بالمائة من 17 مليارًا و133 مليونًا و400 ألف ريال عُماني بنهاية شهر ديسمبر 2021م إلى 19 مليارًا و612 مليونًا و400 ألف ريال عُماني بنهاية شهر ديسمبر 2022م، وجميعها مؤشرات تؤكِّد أنَّ النُّمو الحقيقيَّ داخل البلاد يسير بخطًى ثابتة نَحْوَ تحقيق المنشود في المستقبل القريب.