الإحصاء مؤشر لا غنى عنه في العمليات التنموية، له سلطة الإعلاء والإشادة، أو الانخفاض وما يترتب على ذلك من دعوة للمراجعة، وتأشير الخلل الذي أدى إلى الانخفاض التنموي .
إنه يأتي من خلال عملية حسابية تكون فيها الأعداد المستخدمة استنتاجية مبنية على معادلات مستمدة من الواقع، مقابل ذلك يمكن للرقم أن يكون عنصر تضليل وإطاحة إذا تم استخدامه بغير وزنه الصحيح المطروح ومن هنا تتكاثر الشكوك والظنون في بعض الأحيان.
والإحصاء قاضٍ بدلالة الفرضية الحسابية ولذاك يتصدر الاحتكام إليه لمعاينة للبناء التنموي العام ، تتمحور على أساسه مؤشرات الحاضر والمستقبل ويكون لاستنتاجاته المعروضة التبشير بالاطمئنان، أو الدعوة الى المراجعة والكشف عن الخلل الذي أدى إلى النتيجة غير المقنعة .
بالمنطق، هناك خط فاصل لا لبس فيه بين هاتين المعادلتين، أن يكون الإحصاء بنتائج تعزز الثقة، أو خلاف ذلك.
لقد أصبح الإحصاء أحد منصات البحث العلمي وصارت معطياته مرتكزاً مهماً من مرتكزات الإدارة الاستراتيجية من الزاوية التي تغذي حسن التدبير والضوء الكاشف لكل عتمة أو تقصير او تسيب او نضوج، وإذا كان الصينيون يقولون (من الخطأ صعود السلالم ويداك في جيبك) فمن الوهم ان يكون الوضوح قاسماً مشتركاً لعملك إذا لم تكن هناك مؤشرات احصائية دقيقة تحت النظر، وهكذا ايضاً، لا يمكن ان تباغتك مفاجات إنتاجية ما ولديك رؤية احصائية استنتاجية صحيحة.
لقد تابعت خلاصة الضوابط الصادرة عن المركز الوطني العماني للإحصاء والمعلومات الرامية إلى تسيير وتسهيل العمليات الإحصائية وتوطينها في الميدان التنموي العام بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم2019/55
يتضمن قرار اللائحة التنفيذية لقانون الإحصاء والمعلومات ثلاثين مادة، وسبعة فصول، وأربعة ملاحق هي رسوم الخدمات، الإحصاءات ، تصنيف الإحصاءات الرسمية ، رسوم التراخيص الاحصائية والبطاقات التعريفية للجهات غير الحكومية والأفراد، رسوم الاصدارات الاحصائية.
من وجهة نظر فاحصة، تتطابق الخطوة التي اتخذها المركز في هذا الشأن مع متطلبات التنمية المستدامة، بل وتعد ضمانة استنتاجية لا يمكن بأي حال من الأحوال التخلي عنها في كل العمليات الإنتاجية، ولكن نسخة إجرائية بهذه السعة والتشعب لا يمكن أن تكفي ندوة أو لقاء تعريفياً واحداً بها، بل إن الأمر يتطلب تخصيص أكثر من ذلك مع تعدد الجهات المشمولة، وكذلك تعدد السماحات و الرسوم ومتى يكون الإحصاء في متناول الجهات الإعلامية ، أو للتداول المحدود عندما يتعلق بالأمن الوطني العام ومتطلبات السيادة، وإذا كان من اليسر استيعاب الجهات الحكومية لمسؤولياتها بهذا الشأن يظل اطلاع الأفراد والجهات غير الحكومية بالضوابط الاحصائية عليها مسؤولية إجرائية لا بد منها.
لقد وفّر المركز الوطني العماني للإحصاء والمعلومات فرص القيامم بالإحصاءات لمجرد أخذ الموافقات منه وحسب، وبتوصيف مضاف، لا تتحمل الجهات الاحصائية أية أعباء إدارية معقّدة. لقد تبين لي من خلال دراسات وبحوث تطبيقية، ان الجهل العام بضرورات الاحصائية لدى المواطنين يلحق ضرراً بليغاً بمتطلبات التنمية المستدامة لانقطاع صلة الفهم المشترك بين الجانبين، الحكومي، والمواطنين، بل والأخطر ان يكون الجهل على صعيد الجهات الاستثمارية الأهلية خاصة ان احصاءات ما قد تسبق العملية التنموية تمهيداً لانطلاقها وهذه إحصاءات ضرورية في كل المراحل التمهيدية مثلما هي ضرورية خلال العمل بين الحين والآخر وبعده.
ان عوالم الإحصاء بقدر أهميتها الحسابية الرقمية، فإنها تبعاً لذلك توفر وضوحاً اجتماعياً ونفسياً لسياقات التنمية، وهذا الأمر معنيٌ به علم النفس الاقتصادي، بل يمكن أن تترتب عليه استحقاقات من كل مفاصل الدولة، أية دولة.
لقد تأسست المراكز الاحصائية من أجل الإحاطة بالعملية التنموية أياً كان حجمها وزمنها وضرورتها المكانية خدمة للوضوح، جوهر التنمية المستدامة .



عادل سعد
كاتب عراقي
[email protected]