يوم الأحد 19/3/2023، وفي سياق العربدة وعمليات القتل «الإسرائيلية»، وسياسة حكومة نتنياهو المنفلتة من كل اعتبار، جاءت عملية اغتيال جبانة نفذها الموساد (جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية) في بلدة (قدسيا) بريف دمشق، التحق من خلالها الشهيد المهندس علي رمزي الأسود بنهر الوفاء والعودة، وهو يتبع سرايا القدس، حافظاً وحاملا للأمانة على درب الجلجلة إلى فلسطين.
عائلة الأسود، عائلة فلسطينية من مدينة حيفا، فرَّقَت النكبة شملها، كما وقع مع الغالبية الساحقة من عائلات فلسطين. فجزء كبير من تلك العائلة الفلسطينية الحيفاوية أقام بمخيمي اليرموك والنيرب في سورية بعد اللجوء عام 1948، وبعضها في حي الأمين الدمشقي، ووصل البعض منها في مسيرة التهجير والإقلاع إلى صيدا في لبنان، وإلى قطاع غزة، حيث عائلة والد جيفارا غزة عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية.
ثلاثين رصاصة قاتلة، مزقت جسد الشهيد الشاب المهندس الصاعد علي رمزي الأسود، وتبع تلك اللحظات فرار الجناة بسيارة (فان) كانت مُعدة للغرض.
وكان الشهيد المهندس علي الأسود يعيش في مخيم اليرموك، لكنه نزح منه بعد اندلاع الحرب في سوريا، وانتقل للإقامة في منطقة قدسيا، ثمّ تزوّج وأنجب ابنتين وولداً، وهو كان يقظاً ويتّخذ إجراءات أمنية دقيقة في ضوء ارتفاع وتيرة العمل الصهيوني في سورية.
عملية الاغتيال، دلّت على أن جهاز الموساد كان يعرف الشهيد ويتابعه، وأن خلاياه الأمنية عملت على مراقبته من خلال تعقّب تقني وبشري أيضاً، وهي حضّرت ودرست مسرح الجريمة جيداً، حتى تمكّنت من تنفيذها وسحْب المنفذين إلى خارج موقعها.
الشهيد الأسود، هو ابن عائلة فلسطينية هاجرت إثر نكبة العام 1948 من مدينة حيفا، وسكنت في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في العاصمة السورية دمشق. تابع تحصيله العلمي في سورية، وتخصّص في الكيمياء. وطوّر قدراته العلمية بجهد شخصي بعد انخراطه في (سرايا القدس)، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والتي التحق بها في العام 2005 عن عمر 14 عاماً، وترقّى في المسؤوليات بعد خضوعه لدورات متخصّصة كثيرة، من بينها دورة قيادة وأركان، وكانت له إسهاماته في تطوير القدرات التقنية لـ (السرايا).
العملية الجبانة الغادرة تم توقيت تنفيذها مع بدء أعمال لقاء شرم الشيخ المُخصص لمناقشة الوضع المُتفجر في فلسطين بحضور الولايات المتحدة والأردن ومصر، إضافة لفلسطين ودولة الإحتلال. لذا فقد كانت تلك العملية رسالة «إسرائيلية» للقاء شرم الشيخ، ومفادها أن «إسرائيل لن توقف سياسة العصا الغليظة بوجه الفلسطينيين». لذلك فإن نتنياهو تبنى الجريمة، التي تمت بإيعازٍ منه ومن المجلس الوزاري المُصغّر (الكابينيت)، مُبرّراً ذلك في مقابلة مع إذاعة جيش الإحتلال، بأن : «حركة الجهاد لا تلتزم بقواعد اللعبة القائمة مع إسرائيل»، في إشارة إلى كون عملية مجدو بدت خارج القواعد المألوفة، وبما يستبطن إقراراً بعنصر المفاجأة التكتيكية وبأبعادها الاستراتيجية. أيضاً، تبنّى العديد من الإعلاميين والمعلّقين العسكريين، وجود صلة بين عملية مجدو الفدائية التي نفذتها سرايا القدس شمال فلسطين انطلاقاً من لبنان، وواقعة اغتيال المهندس علي رمزي الأسود، في بلدة (قدسيا) بريف دمشق. إن عملية «جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية» (الموساد) فوق الأرض السورية واستباحتها، تؤكد إعلاناً إسرائيلياً عن الاستعداد للدخول في حرب متعدّدة الجبهات، فضلاً عن أنه يفتح الباب من جديد أمام سيناريو العودة لسياسة الاغتيالات في فلسطين وخارج فلسطين المحتلة بهدف اضعاف وشل المقاومة في فلسطين.



علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]