لُقّب بهذا اللقب الصحابي الجليل:(جرير بن عبد الله)وهو صحابي مشهور، اسمه:(جرير بن عبد الله بن جَابر، وَهُوَ الشليل، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة، ابْن مَالك بن نصر بن ثَعْلَبَة بن جشم بن عَوْف البَجلِيّ، نِسْبَة إِلَى بجيلة بنت صَعب بن سعد الْعَشِيرَة أم ولد أَنْمَار بن أراش أحد أجداد جرير، وكنيته أَبُو عَمْرو، وَكَانَ جرير طَوِيل الْقَامَة جميلًا حسنًا، وَكَانَ سيدًا مُطَاعًا مليحًا طوَالًا بديع الْجمال صَحِيح الْإِسْلَام كَبِير الْقد، قيل:الصَّحِيح أَن إِسْلَامه كَانَ فِي سنة الْوُفُود سنة تسع أَو سنة عشر بَعْدَ نُزُولِ سورة الْمَائِدَةِ) (عمدة القاري شرح صحيح البخاري 16/‏ 282)،(قدم المدينة في رمضان، وقال: لما دنوت من المدينة انخت راحلتي، ثم حللت عيبتي ولبست حلتي، فدخلت ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخطب، فسلمت عليه فرماني الناس بالحدق، فقلت لجليسي: هل ذكر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من امري شيئًا؟ قال: نعم ذكرك فأحسن الذكر بينا هو يخطب، إذ قال: أنه سيدخل عليكم من هذا الفج أو من هذا الباب الآن خير ذي يمن إلا وإن على وجهه مسحة ملك، فحمدت الله عز وجل على ما ابلاني)(أخرجه أحمد، برقم: 19247)، ففي الصحيحين أنه قال:(ما حجبني رسول الله مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ)(البداية والنهاية، ط: إحياء التراث 8/‏ 61)، وبعثه رسول الله إلى ذي الخلصة ـ وكان بيتًا تعظمه دوس في الجاهلية ـ فذكر أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ:(اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، فذهب فهدمه،(وعَنْ قَيْسٍ عنْ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ الله قَالَ كانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقالُ لَهُ ذُو الخَلَصَةِ وكانَ يُقالُ لَهُ الكَعْبَةُ الْيَمانِيَّةُ أوِ الْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ فقالَ لِي رَسُولُ الله ـ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ـ هَلْ أنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ قالَ فنَفَرْتُ إلَيْهِ فِي خَمْسِينَ وَمَائَةِ فارِسٍ مِنْ أحْمَسَ قالَ فكَسَرْنَاهُ وقَتلْنَا مَنْ وجَدْنا عِنْدَهُ فأتَيْنَاهُ فأخْبَرْنَاهُ فدَعَا لَنَا وَلأِحْمَسَ)(عمدة القاري شرح صحيح البخاري 16/‏ 282)، وفي (صفة الصفوة 1/‏ 290):(بعثه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى هدم ذي الخلصة وهو بيت لخثعم كان يسمي الكعبة اليمانية فأضرمه بالنار)، كما أَنَّهُ ثَبت فِي (الصَّحِيح): أَن (النَّبِي ـ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ـ قَالَ لَهُ أي لجرير: استنصت النَّاس فِي حجَّة الْوَدَاع وَذَلِكَ قبل مَوته صلى الله عليه وسلم بِأَكْثَرَ من ثَمَانِينَ يَوْمًا).
وسبب تلقيبه بهذا اللقب، كما جاء في (البداية والنهاية، ط: إحياء التراث 8/‏ 61) وفي غيره:(وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: جَرِيرٌ يُوسُفُ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ: رَأَيْتُ جَرِيرًا كَأَنَّ وَجْهَهُ شَقَّةُ قَمَرٍ).
وحكايته مع عمر بن الخطاب، (قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ جَرِيرٌ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مَعَ عُمَرَ فِي بَيْتٍ، فَاشْتَمَّ عُمَرُ مِنْ بَعْضِهِمْ رِيحًا، فَقَالَ: عَزَمْتُ عَلَى صَاحِبِ هَذِهِ الرِّيحِ لَمَا قَامَ فَتَوَضَّأَ، فَقَالَ جَرِيرٌ: أَوَ نَقُومُ كُلُّنَا فَنَتَوَضَّأَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ أو قال: أو يتوضأ القوم جميعًاـ يقصد أن يستر على من فعل ذلك منعًا له عن الحرج، فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَ السَّيِّدُ كَنْتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَنِعْمَ السَّيِّدُ أَنْتَ فِي الإسلام)(سير أعلام النبلاء 4/‏145)،(وعن قيس قال شهدت الأشعث وجريرًا حضرا جنازة، فقدّم الأشعث جريرًا ثم التفت إلى الناس فقال: إني ارتددت وإنه لم يرتد، ويقال أنَّه أُصِيبَتْ عَيْنُهُ هُنَاكَ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَكَانَ يُصَلِّي إِلَى سَنَام الْبَعِير كَانَت صنمه ذِرَاعا، وَاعْتَزل الْفِتْنَة، فقد اعْتَزَلَ عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ، نزل الْكُوفَة ثمَّ نزل قرقيسيا وَبهَا مَاتَ وَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا بِالْجَزِيرَةِ حَتَّى تُوُفِّيَ بِالسَّرَاةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ، وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ وخمسين)(عمدة القاري شرح صحيح البخاري 16/‏ 282).. رحم الله الصحابي الجليل جرير بن عبد الله (يوسف هذه الأمة).

محمود عدلي الشريف
[email protected]