دخلت التفاعلات الداخلية «الإسرائيلية» نحو نفقٍ عميق، في ظل التقديرات المختلفة بشأن ما قد يقع من «شرخ اجتماعي»، على خلفية الأسباب القريبة المباشرة والمتمثلة بخطة نتنياهو لإضعاف «جهاز القضاء» وبدء تمرير تشريعات بشأنها في الكنيست. ووصلت الأمور إلى صفوف «الجيش الإسرائيلي» وهو ما دفع رئيس هيئة الأركان العامة الجديد الجنرال (هيرتسي هليفي)، إلى التحذير من ذلك، بتصريحاتٍ أدلى بها يوم 25/2/2023، وهو اليوم الذي شهد مظاهرات كبرى في مناطق مختلفة رفضًا لخطوات نتنياهو إياها.
يضاف إلى ذلك، أن هناك مخاوف أساسية في «هيئة الأركان العامة الإسرائيلية» الآن، لها علاقة بالوضع المتصاعد في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وخصوصًا الضفة الغربية والقدس، فضلًا عن ما يفترضه «الإسرائيليون» من مخاوف من «التهديد النووي» الإيراني. ومع تلك المخاوف تبرز ما أسمته الصحف «الإسرائيلية» بـ»مؤشرات أولية على أزمة في قوات الاحتياط، وبالأساس في سلاح الجو، على خلفية الاحتجاجات ضد الانقلاب على النظام الذي يبادر ائتلاف نتنياهو إليه»، وفق ما ذكرت صحيفة (هآرتس) بعددها الصادر يوم الجمعة 24 شباط/فبراير 2023. فهناك خشية حقيقية من إمكانية رفض الخدمة بين أفراد الطواقم الجوية في الاحتياط، أو «رفض خدمة رمادية»، أي التهرب من الخدمة أو عدم تنفيذ جزء منها، احتجاجًا على التطورات السياسية الأخيرة، وما يخصُّ خطة نتنياهو لإضعاف دَوْر المحكمة العليا والقضاء. إن جلَّ «القوة العسكرية الإسرائيلية» في سلاح الجو إلى جانب أجهزة الاستخبارات تعتمد في الفترات العادية وأثناء الحرب على نسبة مرتفعة من جنود وضباط الاحتياط. والمسُّ لفترة طويلة بجهوزية طيارين ومساعدي طيارين، من شأنه أن يؤثر سلبًا على «قوة الجيش الإسرائيلي». وهذا القلق عبَّر عنه رئيس أركان «الاحتلال الإسرائيلي»، الجنرال هرتسي هليفي، في أول خطاب علني له يوم 24/2/2023، منذ تولِّيه المنصب، بحيث تطرَّق إلى الأزمة الداخلية وانعكاسها على المؤسسة العسكرية، وقال إن «الجيش الإسرائيلي يعرف احتواء الخلافات في الداخل.
ويستطيع المراقب للحدث «الإسرائيلي» الداخلي، أن ينتبه ويستمع جيدًا لما عدَّه رئيس هيئة الأركان في جيش الاحتلال «أن إضعاف السُّلطة القضائية سيؤدي لتصدُّعات في تشكيل الاحتياط». لذلك نلحظ تزايد انخراط تشكيلات من «جيش الاحتلال الإسرائيلي» في الاحتجاجات والتظاهرات ضدَّ الخطَّة، عبر المشاركة فيها، أو إجراء فعاليات جماعية خاصَّة، أو من خلال تصريحات وأعمال احتجاجية فردية تشمل الجنود وكبار ضباط الاحتياط.
وتُشير معلومات تم تسريبها من قبل بعض وسائل الإعلام «الإسرائيلية» إلى أنَّ هناك انهماكًا متزايدًا وسط عناصر فرق سلاح الجو، بشأن إمكان رفض الخدمة، أو ظهور «رفض رمادي»، وتملُّص من مهمَّات، أو عدم تنفيذ جزءٍ منها، من دون إعلان موقف صريح، احتجاجًا على التطورات السياسية الأخيرة.
وعلَّق محلِّلون على تطرُّق الجنرال هليفي الأول إلى تسرُّب الصراعات السياسية والداخلية إلى صفوف المؤسسة العسكرية لدى الاحتلال، بالقول إن «أزمة الاحتياط في سلاح الجو يبدو أنها هي التي دفعت رئيس الأركان إلى التطرق إلى هذه المسألة لأول مرَّة علنًا». وتحذيرًا من انعكاسات الأزمة السياسية القائمة على المؤسسة العسكرية، والتي تعبِّر عن نفسها في تزايد انخراط تشكيلات ووحدات عسكرية (ولا سيَّما في تشكيل الاحتياط) في الاحتجاجات والتظاهرات ضد الخطة القضائية.


علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]