تمُرُّ في الثلاثين من شهر آذار/مارس من كل عام، مناسبة يوم الأرض الفلسطينية، وهو اليوم الذي انتفض فيه كل أبناء فلسطين فوق أرضها التاريخية في مواجهة غول الاستيطان ومصادرة الأرض، خصوصًا في الجليل والمثلث والنقب داخل الأرض المحتلة عام 1948 حيث توسعت مشاريع التهويد، وما عُرِفَ في حينها بـ»تهويد الجليل» أو «خطة النجوم السبعة». ومنطقة الجليل، هي المناطق الشمالية من أرض فلسطين التاريخية، حين كان مطروحًا تهويدها وطرد وترحيل مواطنيها من أبناء فلسطين. فكانت هبة وانتفاضة يوم الأرض في الثلاثين من آذار/مارس 1976 بمثابة صفعة لدولة الاحتلال الإسرائيلي ومشاريع التهويد، وسقط إثر يوم الأرض عشرات الشهداء والمصابين، الذين تمَّ تخليد ذكراهم بالنصب الكبير المُنتصب في ساحة بلدة (سخنين) قضاء عكا، وهو النصب الذي صمَّمه فنَّان الأرض المحتلة (عبد عابدي)، ونحت في واجهته العبارة التي تقول «استشهدوا لنحيا فهم أحياء». يوم الأرض، كان وما زال محطَّة كفاحية، خالدة في سفر الكفاح الوطني الفلسطيني من أجل حرية فلسطين وشعبها وعودة اللاجئين من دياسبورا المنافي والشتات ومخيمات اللجوء، وهو اليوم الذي يتجدد مع صمود الفلسطينيين في جنين ونابلس، ومخيماتها، من مخيم جنين إلى مخيمات بلاطة وعسكر وعقبة جبر.
يوم الأرض احتفلنا به، في مخيم اليرموك مع اندلاع المواجهات في فلسطين في آذار/مارس 1976، فكان احتفالنا به في مخيم اليرموك قرب دمشق، ونحن على مقاعد الدراسة الثانوية بمهرجاناتٍ وفعالياتٍ ضخمة فاقت كلَّ تصوُّر من حيث الحشود الشعبية، وما رافقها من فعاليات وعروض عسكرية وغيرها.
واليوم، ونحن في الذكرى الـ(47) ليوم الأرض الفلسطينية، دعت لجنة المتابعة العليا في الداخل المحتل «كافة مركباتها واللجان الشعبية في مختلف القرى والمدن العربية وعموم أبناء شعبنا في هذا اليوم إلى تنظيم وقفات إسناد ودعم لأبناء شعبنا في منطقة النقب الذين يتعرضون إلى حملات وممارسات يومية من قبل دولة الاحتلال التي تستهدف بيوتهم وأراضيهم ومحاصيلهم، إلى جانب تحريض سافرٍ من المؤسسة الرسمية الحكومية «الإسرائيلية»، ومن وزراء جعلوا من التحريض على منطقة النقب وأهلها ومواطنيها من أبنائها الأصليين، مشروعًا إجراميًّا كاملًا».
فمشاريع التهويد «الإسرائيلية» تتَّجه الآن إلى منطقة النقب جنوب فلسطين، حين أكَّدَت الإحصائيات لـ»قيام السُّلطات الإسرائيلية بهدم مبنى في النقب كلَّ ست ساعات على مدار السنة، إلى جانب سلب الاعتراف من قرى وتجمُّعات سكنية عربية قائمة قبل قيام «إسرائيل» وإلى جانب تحريش الأراضي لتمرير الاستيلاء عليها وإتلاف المحاصيل الزراعية». لذلك فإن منطقة النقب تحظى بأهمية كبرى على جدول أعمال القوى الفلسطينية والمؤسساتية المجتمعية العربية في «إسرائيل»، لفضح وتعرية الاحتلال والتصدي لجرافات التهويد وقرارات مصادرة الأرض. إن كفاح الفلسطينيين بالداخل المحتل عام 1948 مترابط مع كفاحه في الضفة الغربية والقدس، حيث يقوم غلاة المتطرفين من الوزراء المحسوبين على تيار «الصهيونية الدينية» كإيتمار بن جفير، وبنسلئيل سموريتش، بتشريع وتوسيع نطاق التهويد والمُستعمرات في مناطق القدس وعموم الضفة الغربية. ويبقى القول، إن يوم الأرض محطَّة دائمة للشَّعب العربي الفلسطيني في الدفاع عن الأرض الفلسطينية، ومواجهة اخطبوط الاستيطان والتهويد الزاحف.



علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]