يبدو أن وزارة التعليم العالي قررت أخيرا عمل تقييم (شامل) لمعرفة الكليات التي تتميز بضعف الإمكانيات التعليمية، وما يلحقها من إنتاج قد يكون ضعيفا. لذلك جاء القرار بشطب كليتين خارجيتين تخرّج أفواجا غير مؤهلين التأهيل الجيد، وفقا لضعف المستوى في المقابلات الشخصية المنافسة للحصول على فرص وظيفية، وبالتالي عدم استطاعة الحكومة توظيف ـ أي كان ـ من الخريجين وفقا للمستوى المتدني. لذلك ومن أجل إيجاد حل جذري جاء القرار بعدم إتاحة الفرصة للراغبين في مواصلة دراستهم في تلك الكليات. خصوصا إذا كانت تخرّج معلمين والذي قد ينعكس على العملية التعليمية في الأجيال القادمة بشكل غير جيد.
والحمد لله، أن كل الكليات العامة والخاصة في السلطنة يبدو أنها بالمستوى الجيد بل بالشكل الممتاز، والدليل على ذلك أن التقييم لم يشطب أيا من الكليات الخاصة والعامة في السلطنة، مما يعني أنها كليات لا تشوبها شائبة. كما أن التقييم المبني على أرقام عدد المقبولين في الوظائف أو من اجتازوا المقابلات الشخصية للحصول على فرص وظيفية، تقييم يترجم كافة درجات القوة والضعف في أداء الكليات والناتج النهائي منها. كما ينبئ هذا إلى أن جميع الخريجين خصوصا ممن تعلموا في كليات حكومية حصلوا على فرص التوظيف الملائمة. وقد لا تجد باحثا يستمر بالبحث عن فرصة عمل مناسبة مدة ستة أعوام حتى الآن!
لذلك علينا ألا نخاف من المستقبل، فالتقييم يجعلنا واثقين بأن كلياتنا على اختلافها تسير على خطى موثوقة، وفقا لأعلى المستويات من الكفاءة. لذلك يلتحق الكثيرون بها ـ ليس من أجل الحصول على الشهادة الجامعية وإيجاد الفرص الوظيفية المتوفرة بشكل كبير جدا إلى درجة أن الواحد يتخرج ولا يستطيع الاختيار لذلك يجلس في البيت مادا رجليه مدة من السنوات للتفكير والتأمل ـ بل من أجل أن يحصل فيها على أجود أنواع التعليم، باذلا في ذلك مجهودا مضاعفا لاجتياز ما تتطلبه الكلية من صبر ومثابرة ومواضبة. وعسى أن لا تنخفض مستويات الكليات في السلطنة وفقا لتقييم أعداد من اجتازوا المقابلات الشخصية للحصول على فرص عمل. ليصل الأمر إلى تقييمٍ آخر كندرة فرص الحصول على مقابلات شخصية، أو اختفائها مثلا، ليصل الأمر ليس لشطب الكليات، كلية، كلية ، بل شطب طلاب العلم أنفسهم!

محمد بن سعيد القري