[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” ..لا يقتصر حقد المهاويس على الحضارات القديمة فقط بل كان للرموز الأخرى نصيب أيضا حيث أقدم الارهابيون في سوريا من قبل على قطع رأس تمثال للشاعر أبو العلاء المعري في مسقط رأسه مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب أو اولئك الذين راق لهم الباس نقاب لتمثال أم كلثوم الذي يتوسط أهم ميادين المنصورة في مصر.”
ــــــــــــــــــــــــ

حينما جلس الطلبة على مقاعد الدراسة يستمعون الى شرح معلمهم عن فظائع التتار مع دخولهم بغداد وكيف أنهم جعلوا من كتبها جسرا على نهر دجلة الذي تغير لونه الى الأسود من أثر مداد الكتب وكيف استباح الهمج عاصمة الرشيد لم يكن ليخطر ببالهم أن ما سمعوه عن أحداث قبل ما يزيد عن 750 عاما ليتحقق لولا أننا سلمنا تاريخنا وحضارتنا إلى حفنة من المهاويس الذين سيطروا على عقول باتت تفتش في أعماق الكتب والنصوص سعيا لتبرير أفعالهم قبل أن يسيطروا على أرض سلمناها اليهم بتقاعس او انشغال عنهم.
فشريط الفيديو الذي بثه ارهابيو داعش ومدته 5 دقائق يبين تدمير آثار قديمة في متحف مدينة الموصل التاريخي شمال غرب العراق جاء ليضيف هذه الجريمة الى جرائم أخرى منها تفجير جزء من "سور نينوى" التاريخي الذي يعود للحضارة الآشورية بعد تفخيخه منذ أكثر من شهر وأيضا حرق آلاف الكتب والمخطوطات بالمبنى المركزي لمكتبة الموصل ومن بينها مؤلفات نادرة ناهيك عن بيع التحف الأثرية القديمة.
هذه الجرائم لم تكن الا نتاج تراكم أفكار وخطاب يروج أصحابه له على أنه "ديني" .. هذا الخطاب ان لم يكن يحث على احتقار الحضارة والتاريخ فانه على أقل تقدير يزدري من يعتز بتاريخه وحضارته.
وهذا الارهابي الذي أمسك بيده مطرقة أو أداة حفر ـ هي بالمناسبة احدى نتاج حضارة سابقة كالتي جاء ليهدم اثارها ـ معتبرا أن ذروة الجهاد تكون بهدم تماثيل بحجة أنها أصنام كانت تعبد سابقا حركه قبل ذلك شيوخ منهم من أفتى بجواز بيع التاريخ والاثار بحجة أنها لقية و(رزق ساقه الله الى صاحبه).
وذلك الذي أقدم على تدمير تمثال الثور المجنح الذي يعد رمزا للحضارة الآشورية التي ازدهرت في العراق كاحدى اوائل الحضارات في تاريخ الانسان لا يختلف كثيرا عن زملائه الذين أقدموا على تدمير تمثال بوذا في أفغانستان المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي في العام 2001 وكان بينهم بالمناسبة مصري يدعى مرجان رأى في حكم الاخوان فرصة ليعود الى مصر ويستكمل المسيرة مصرحا بنيته تحطيم الاهرامات وتمثال أبو الهول.
ولا يقتصر حقد المهاويس على الحضارات القديمة فقط بل كان للرموز الأخرى نصيب أيضا حيث أقدم الارهابيون في سوريا من قبل على قطع رأس تمثال للشاعر أبو العلاء المعري في مسقط رأسه مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب أو اولئك الذين راق لهم الباس نقاب لتمثال أم كلثوم الذي يتوسط أهم ميادين المنصورة في مصر.
ستتوالى الادانات من اليونسكو وغيره وسيندد الجميع بما ارتكبه الارهابيون بحق الاثار قبل أن تخطف الاضواء جريمة جديدة لكن المسؤولية الكبرى ستظل ملقاة علينا نحن الذين سكتنا عن الذين اعتبروا الاعتزاز بالحضارة خروجا عن الملة والدين قبل أن نسلم أمر كتابة تاريخنا الى مهاويس ملأوه بحكاوي النكاح والحرق وقطع الرقاب.