يُمثِّل تعظيم القيمة المحلِّية المضافة ملمحًا رئيسًا من ملامح توجُّه الاقتصاد العُمانيِّ لتعظيم الاستفادة من الثروات الطبيعيَّة التي تملكها البلاد، ثمَّ تحقيق عوائد اقتصاديَّة تُسهم في دفْع نُموِّ الاقتصاد الوطنيِّ. فبجانب ما يُحقِّقه تحويل السَّلع الأوَّليَّة إلى منتجات تستخدم محليًّا أو يتمُّ تصديرها بقيمة أعلى بكثير من قيمتها كسلعة أوَّليَّة، يتمُّ تحقيق عوائد اقتصاديَّة أخرى عَبْرَ تصنيع تلك الموارد الأوَّليَّة داخل البلاد، ما يرفع مساهمة الشركات المحلِّية، ويدعم وجودها في السُّوق، لينعكس ذلك على فرص عمل الكوادر الوطنيَّة، ويُتيح وظائف جديدة، تُسهم في إبقاء الأموال داخل البلاد، ليعاد إنفاقها وتَدُور الحركة الاقتصاديَّة بشكلٍ يواكب مساعي التوجُّه نَحْوَ التنويع الاقتصاديِّ المأمول.
ومن هذا المنطلق، يأتي تعظيم القِيمة المحلِّية المضافة كإحدى أهمِّ الأدوات الرئيسة التي تقوم عليها رؤية «عُمان 2040» الطموحة وتسعى إلى تعظيمها في كافَّة المجالات والقِطاعات الاقتصاديَّة، خصوصًا في قِطاع الصناعات التحويليَّة التي تُعدُّ من أهمِّ القِطاعات التي تمتلك مُقوِّمات واعدة في الاقتصاد الوطنيِّ، خصوصًا في مجال الصناعات البتروليَّة والبتروكيماويَّة، حيث تعمل البلاد على عدم الاكتفاء بتصدير النفط في صورته الخام، بل تسعى عَبْرَ منظومة مؤهلة وطموحة إلى تشغيل المصافي العُمانيَّة، لتوفير المشتقات للسُّوق المحلِّي، وتصدير الفائض ما سيعود على الاقتصاد الوطنيِّ بمنافعَ كبيرة، وترسيخ أبعاد وقِيَم مفهوم القِيمة المحلِّية المضافة، التي تَتعزَّز مستويات الاستفادة من المنتجات المحلِّية التي ينتجها هذا القِطاع الواعد.
ولعلَّ ارتفاع إجمالي منتجات المصافي في سلطنة عُمان حتى نهاية شهر مارس 2023 بنسبة 40.4 بالمائة، مقارنةً بالفترة المماثلة من العام الماضي، وفق ما أشارت إليه الإحصائيَّات المبدئيَّة الصادرة عن المركز الوطنيِّ للإحصاء والمعلومات، يشير إلى نجاح الجهود الاقتصاديَّة للوصول إلى تلك النتائج، حيث بيَّنت الإحصائيَّات أنَّ إنتاج وقود السيارات (91) ارتفع بنسبة 61.5 بالمائة، ليبلغ حتى نهاية مارس الماضي 4 ملايين و626 ألفًا و600 برميل، مقارنةً بالفترة نفْسِها من عام 2022م التي شهدت إنتاج مليونَيْنِ و865 ألفًا و100 برميل. وتأتي هذه الزيادة في إنتاج هذا النَّوع من الوقود الذي يكتسب أهمِّية عالميَّة نتيجة الأوضاع الاقتصاديَّة الحاليَّة ليس على الصعيد المحلِّي فقط، ولكن على مستوى العالم أجمع. فحسب الإحصائيَّات بلغت مبيعاته 3 ملايين و456 ألفًا و400 برميل، وارتفعت صادراته بنسبة 191.2 بالمائة لتصل إلى مليون و58 ألفًا و500 برميل.
ولَمْ تقتصر تلك الطفرة الإنتاجيَّة على هذا النَّوع من الوقود فقط، بل ارتفع إنتاج زيت الغاز (الديزل) حتى نهاية شهر مارس الماضي بنسبة 40.1 بالمائة، وارتفعت مبيعاته بنسبة 5.9 بالمائة، وارتفعت صادراته أيضًا بنسبة 70.7 بالمائة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022م لتصل إلى 4 ملايين و635 ألف برميل، كما ارتفع إنتاج وقود الطائرات بنسبة 98.7 بالمائة حتى نهاية شهر مارس الماضي، وارتفعت مبيعاته بنسبة 68.9 بالمائة، كما ارتفعت صادراته بنسبة 126 بالمائة لتبلغ مليونًا و747 ألفًا و400 برميل، كما سجَّل إنتاج غاز البترول المسال ارتفاعًا بنسبة 40.5 بالمائة، وارتفعت مبيعاته بنسبة 11.3 بالمائة، لتبشر تلك الأرقام بحدوث قفزة اقتصاديَّة تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطنيِّ، خصوصًا مع ما رصدته الإحصائيَّات من زيادة كبيرة في إنتاج المواد البتروكيماويَّة.