[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
قال المفكر اللبناني جورج نقاش كلمته الشهيرة عن لبنان ومضى،" سلبيتان لا تبنيان امة"، وعندما تبدأ الامم والشعوب مرحلة الاستقلال بعد استعمار طويل وحكم الاخر والهيمنة على مقدرات البلد، فأن التفكير يفترض أن ينصب بالأساس على اللبنات الاولى للبناء والشروع في برامج تنموية لا أن يذهب صوب شعارات ثبت عبر التاريخ أنها تمجد شخصا أو عائلة ولا تبني قناعة حقيقية عند الناس للتنمية الحقيقية، ومهما كانت رؤية نقاش في نظرته إلى مستقبل التعايش في لبنان، الذي بدأت اولى ملامح الشقاق بين ناسه بصورة واضحة في اربعينيات القرن التاسع عشر، عندما نشبت اولى الحروب الاهلية هناك، لكن ما هو مفروغ منه أن هذا المفكر قد تلمس الاخطار المحدقة بلبنان واهله في وقت مبكر، فأطلق كلمته الشهيرة التي خاطب فيها في ذلك الوقت مختلف شرائح المجتمع اللبناني ومن خلالهم يخاطب اليوم كل الامم والشعوب، التي لا تتوانى في الامساك بالسلبيات وترك الايجابيات في بناء مجتمعاتها ودولها.
الفكرة الأساس في البناء لا تتأتى من فراغ ولا تستند إلى فراغ، ولا تمجد السييء ولا تتجاهل الذين يمجدون السييء، ولا ترتبط باشخاص أو جهات ودول تضع مصالحها قبل مصلحة البلد، وهنا يصبح الصراع ايجابيا بين الرؤية الدقيقة والهدف المنشود، ويذهب الامر السلبي نحو الغموض والقصد السييء في رؤية هذا أو ذاك في رؤيته الاحادية.
البناء، إذا ما استند في حيثياته إلى جزئية واحدة واهمل الجزئيات المتكاملة الاخرى، فأنه يؤسس لما هو سلبي، والتأسيس السلبي كالذي يبني على أسس هشة، وبين لحظة الشروع في ذلك البناء الهش ولحظة الصدمة فأن الوقت قد يقصر وقد يطول، لكن في نهاية المطاف، يقع الاسوأ على رؤوس الجميع وقد لا ينجو حتى اولئك الذين باشروا بالتأسيس السلبي وبمعرفة مسبقة لما ستؤول إليه الامور.
والتحذير من سلبيتين، تقفان امام بناء الامة، يحمل في طياته مفارقة الحجم الهائل من السلبيات التي تعصف بالمجتمعات الآن، والمعضلة أن هذا الكم الهائل من السلبيات لا يحمل هدفا واحد للعصف الشديد بالمجتمع، بل يذهب صوب اتجاهات مختلفة تلتقي في مناخ وبيئة واحدة لتحقق الهدف الاسوأ والاخطر.
أن احصاء السلبيات في الدول المضطربة الاحوال يفوق أي ايجابية قد يتلمسها المرء في حياة هذه المجتمعات ، ما ينذر بخطر داهم اكبر.