[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
” الأحزاب السياسية تنفست الصعداء بعد تأجيل هذه الانتخابات والتي لم تكن في الأصل مستعدة لها استعدادا جيدا من أجل التقاط الانفاس وإعادة تنظيم صفوفها وافساح المجال اكثر أمام التحالفات المختلفة التي تشكلت على عجل وقد ظهر ذلك واضحا من خلال ترحيب العديد من الاحزاب والتحالفات بتأجيل هذه الانتخابات..”
ــــــــــــــــــــــــــــ
مثلما توقع العديد من خبراء القانون والمحللين السياسيين تأجلت الانتخابات البرلمانية في مصر والتي كان من المقرر اجراء المرحلة الأولى منها يوم الحادي والعشرين من مارس الجاري بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الذي قضى ببطلان قانون تقسيم الدوائر في مادتيه الثانية والثالثة بشأن الانتخابات بالنظام الفردي نظرا لوجود تفاوت شديد بين الدوائر وبعضها البعض بالنسبة لعدد السكان واكدت المحكمة في حيثياتها عدم دستورية جداول الدوائر الانتخابية الخاصة بالنظام الفردي مؤكدة أن المشرع قد فارق مفارقة شديدة بين وزن الصوت الانتخابي في العديد من الدوائر الفردية بحيث أخل بضوابط التمثيل العادل للسكان وهذا الأمر يخالف مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 53 من الدستور!
تأجيل الانتخابات البرلمانية يعني تعطيل مسيرة خارطة الطريق حيث من المفترض أن تكتمل تلك الخارطة بتنفيذ الاستحقاق الثالث والأخير منها ، وهناك من كان يتوقع أن تشهد مصر الانتخابات البرلمانية قبيل انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي المزمع عقده 13 مارس الجاري والذي تعول مصر عليه كثيرا لجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية، بل كان هناك من يرى أن نجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي مرهون بإجراء الانتخابات البرلمانية أولا ليأتي في النهاية حكم المحكمة الدستورية ببطلان هذه الانتخابات في حالة اجرائها بسبب العوار الدستوري في قانون تقسيم الدوائر ، وفوق ذلك لاتزال هناك طعون أخرى تنظرها المحكمة الدستورية تطالب أيضا ببطلان هذه الانتخابات فيما يتعلق بنظام القوائم!!
القيادة السياسية التي يهمها في المقام الأول استكمال خارطة الطريق اعلنت التزامها بحكم المحكمة الدستورية العليا واكدت في بيان رسمي احترامها الكامل لاحكام القضاء والتزام كافة مؤسسات الدولة بها ترسيخا لمبدأ سيادة القانون وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الفور توجيهاته إلى الحكومة بسرعة اجراء التعديلات التشريعية اللازمة على القوانين المنظمة للعملية الانتخابية بما يتوافق مع الدستور على أن يتم الانتهاء من تلك التعديلات في مدة لاتتجاوز شهرا واحدا مطالبا أجهزة الدولة بإجراء الانتخابات البرلمانية في اسرع وقت لاستكمال خارطة المستقبل التي توافق عليها المصريون !
الأحزاب السياسية تنفست الصعداء بعد تأجيل هذه الانتخابات والتي لم تكن في الأصل مستعدة لها استعدادا جيدا من أجل التقاط الانفاس وإعادة تنظيم صفوفها وافساح المجال اكثر أمام التحالفات المختلفة التي تشكلت على عجل وقد ظهر ذلك واضحا من خلال ترحيب العديد من الاحزاب والتحالفات بتأجيل هذه الانتخابات، بل وهناك من يتوقع بل ويتمنى أن يستغرق التأجيل وقتا طويلا لتجري هذه الانتخابات نهاية العام الجاري في اكتوبر المقبل مثلا ، بينما سادت حالة من الارتباك عددا آخر من القوى والاحزاب السياسية واختلطت الاوراق عقب حكم المحكمة الدستورية وخشى بعضهم من الدخول في دائرة مفرغة من الطعون القضائية تؤدي في النهاية إلى تأجيل الانتخابات لفترة طويلة !!
هناك من يرى أن قانون انتخابات مجلس النواب بالشكل الذي هو عليه يضع الجميع في دوامة من الطعون لن تنتهي حيث لاتزال هناك مواد أخرى في القانون يمكن أن تؤدي إلى بطلان العملية الانتخابية برمتها خاصة فيما يتعلق بقضية تصويت المصريين بالخارج وازدواج الجنسية للمرشحين فضلا عن طعون أخرى في قانون الانتخابات سيتم البت فيها خلال أيام ، كما أن الطعون التي تقدم بها المرشحون أمام المحكمة الدستورية ستؤثر أيضا على تشكيل القوائم خاصة أن هناك مرشحين كثيرين لديهم جنسية مزدوجة احجموا عن الترشيح وقد تعيدهم الطعون من جديد للترشيح ومن بين هؤلاء المصريون بالخارج !.
أبرز تداعيات تأجيل الانتخابات البرلمانية في مصر ودخولها في نفق مظلم ستكون في تفكك بعض التحالفات والقوائم الانتخابية التي أعلن عن تشكيلها لاعادة تشكيلها من جديد بشكل أفضل من السابق مع اختفاء عدد من المرشحين وظهور مرشحون جدد على الساحة السياسية، وبمعنى آخر فان التحالفات التي يوجد توافق سياسي فيما بينها ستستمر إلى نهاية السباق الانتخابي أما القوائم التي تشكلت على المصالح الشخصية والمكاسب الخاصة ستشهد خلافات ومشاكل ستؤدي إلى انسحاب بعضها من السباق فيما ستندمج تحالفات أخرى وفقا لمصالحها أيضا، كما أن تأجيل الانتخابات سيكشف عن تربيطات خبيثة لبعض الشخصيات والتحالفات ستظهرها الأيام المقبلة !!
المتفائلون يرون أن التأجيل فرصة مناسبة وجيدة لسد الثغرات في الاحزاب السياسية والتحالفات الانتخابية وأيضا لتوحيد الصف بينها حول نظام سياسي واجتماعي قوي يليق بمصر الجديدة وأن هذه التحالفات ستعيد تشكيل قوائمها الانتخابية من جديد بشكل أفضل من السابق وهذا سيكون في مصلحة الجميع سواء المرشحين أو الناخبين حتى تكون أمام برلمان قوي لتحقيق الاستحقاق الانتخابي الثالث بطريقة قانونية غير قابلة للطعن مرة أخرى حيث إن تأجيل الانتخابات أفضل كثيرا من إجراء الانتخابات بشكل غير دستوري مايؤدي في النهاية إلى حل البرلمان بعد انعقاده مثلما حدث في برلمان جماعة الإخوان الذي تم حله بحكم المحكمة الدستورية العليا !!