[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
ما الذي يجعل للمشاريع الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة هذا الحيز غير المسبوق من الصور التنموية المسوقة إعلاميًّا, بل وهذا الإغراء العام بأهمية اعتمادها كحلول تنموية ناجحة لتعزيز تصميم الأفراد والجماعات في صياغة اقتصادات نشطة قادرة على تطوير روح المشاركة والتضامن والتطلع بالكثير من الثقة.
لقد أكد أغلب, إن لم أقل جميع التقارير والدراسات الميدانية التي تناولت اقتصادات العالم لعام 2014, أن الانفتاح على المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة بإيجاد منافذ تشغيل إضافية لها من شأنه أن يعيد الحيوية التنموية للاقتصادات التي تعتمدها.
إن استحقاقات هذا الطرح المتشعب تعود بالدرجة الأولى إلى ما تعانيه اقتصادات عديدة بسبب الترهل، وبالتالي انكماش الكثير من المؤسسات الاقتصادية (العملاقة), بل وإعلان إفلاسها أو تكرار محاولات تعويمها, أو اللجوء إلى فكرة الدمج بينها انتظارًا لحماية من الوقوع في إجراءات تصفية تركاتها وتسديد فواتر خساراتها, أو ما يسميها رئيس الوزراء المصري الأسبق الدكتور حازم الببلاوي, السقوط تحت طائلة (ثقل أعباء الشحوم).
إن فضاء المشاريع الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة يمثل الآن واحدًا من المصادر الجديدة لتطوير الفرص التنموية، وإذا كان خبراء الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية قد وضعوا هذه الوصفة على قائمة أولويات الحلول المطلوبة للعديد من الاقتصادات الناشئة, فإن هذا التوجه يحتاج أصلا إلى إعادة هيكلة النشاطات الخاصة بالتمويل المطلوب من خلال إتاحة فرص الائتمان المصرفي للتمويل نقدًا.
وهو عامل أساسي في تنشيطها لكن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر بين الحين والآخر في ضوابط التحفيز المصرفي الذي من شأنه أن يربط ربطا محكما بين ريع تلك المشاريع وإمكانية تسديد القروض الممولة، وهكذا تزداد فرص الانخراط البشري بها واستقطاب أيدٍ عاملة هي في الوقت نفسه رجال وسيدات أعمال لها.
إن الاستناد إلى دلالة الأرقام المعلنة عن إيجابيات المشاريع الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة عالميًّا خلال العام الماضي تجعل الاطمئنان لهذا المنهج التنموي أمرًا ميسرًا قياسًا على ما جرى ويجري في الهند وباكستان وماليزيا, وكذلك في بلدان آسيوية وإفريقية ومن أميركا اللاتينية, بل وحتى قياسًا على بعض التجارب التنموية في بلدان عربية، وهناك أفكار تطبيقية أخذت تتبلور بشأنها داخل الولايات المتحدة الأميركية وكندا, وفي عدد ليس بالقليل ضمن دول الاتحاد الأوروبي لكن (تغول) الشركات الاحتكارية ما زال يحد من فرصها.
لقد تبين من خلال الوقائع أن واحدًا من أهم عوامل تطويق الفساد الاقتصادي والإداري تكمن في إيجاد منافذ تنموية يمكن السيطرة عليها إداريًّا, وهذه الإمكانية تتوفر أصلًا في هذا النوع من المشاريع, كما أن الاقتصاد في ظلها يكون في مأمن من نزعة الاحتكار التي تمثلها المؤسسات الكبيرة وما يترتب عليها من التفاف وإفلات من الضرائب والرسوم المستحقة.
لقد آن الأوان فعلا أن تتصرف البيوت المالية والبنوك العربية باتجاه ربط سقوف تمويلها بالمشاريع الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة, وإذا كنا قد لمسنا تقدمًا لديها إلا أنه ما زال بطيئًا.
لقد سجل الاقتصاد العُماني واقتصادات عربية أخرى اهتماما متواضعًا بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لكن الوضع يتطلب آليات اكثر تسهيلًا في الوصول إلى المحافظات والمناطق الريفية التي تحتاج مثل هذا النوع من المشاريع.
ثم لماذا لا يكون موضوع تلك المشاريع على جدول جامعة الدول العربية في دعوة لحلقة خبراء اقتصاد يتناولونه بشرط أن لا تتسلل السياسة له من أجل أن يكون وجبة مقبلات لتنمية اقتصادية متكاملة.