- باحثون عمانيون وعرب يبرزون محافظة جنوب الشرقية فـي ذاكرة التاريخ العماني

صورـ من عبدالله بن محمد باعلوي:

انطلقت أمس في ولاية صور فعاليات ندوة (محافظة جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العُماني) والمعرض الوثائقي المصاحب لها والتي تنظمها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في الفترة من 23- 27 مايو الجاري.

رعى افتتاح فعاليات الندوة معالي الشيخ سباع بن حمدان بن سباع السعدي الأمين العام للأمانة العامة للاحتفالات الوطنية، بحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وسعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي محافظ جنوب الشرقية وعدد من المدعوين والمهتمين.
في كلمته التي ألقاها في مستهل حفل الافتتاح، أشار سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أن الهيئة دأبت على التعريف بالجوانب الحضارية والتاريخية والثقافية والفكرية لسلطنة عُمان وتاريخها التليد، فعُمان عبر تاريخها العريق أسهمت في بناء الفكر والثقافة وقدمت أروع الأمثلة في التسامح والاحترام، وفتحت مجالاً واسعاً من العلاقات مع دول العالم وفق مبادئ راسخة وثوابت قائمة على السلام والوئام وحُسن التعامل ونشر الطمأنينة والأمان فتحقق لعُمان ما تطمح إليه من أرساء علاقات تجارية وسياسية وثقافية واسعة امتدت شرقاً وغرباً في عمق الأراضي الآسيوية والأفريقية والأوروبية وقد كشفت لنا الوثائق والشواهد التاريخية ما حققه العُماني على مدار الحقب التاريخية المختلفة، فأولت الهيئة اهتمامها بتوثيقه ورصده واستغلاله في الدراسات والبحوث العلمية إدراكاً منها بأهمية تحقيق الأهداف المرجوة والغايات المنشودة التي ترتكز على إبراز دورنا الحضاري والفكري وعلاقاتنا الدولية ودور المجتمع العُماني واسهاماته في بناء التنمية المستدامة المتكاملة، وعلاقات المجتمع التي اتسمت بصفات حميدة وخصائل كريمة وأفعال يُضرب بها المثل في التراحم والمودة والوحدة واللحمة الوطنية من أجل الوطن أرضاً وشعباً.
وأضاف: ساهمت عُمان في دعم رسالة الإسلام منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ونبغ العمانيون في علم الفلك الذي كان له دور كبير في بناء أساطيل بحرية شقت عباب البحار واكتشفت طرقاً ومسارات بحرية ساهمت في تطور التبادل التجاري عبر القارات، وكان لهذه الحنكة البحرية دوراً رائداً في التواصل وبث رسالة الإسلام التي أرست عليها سلطنة عُمان دعائم نهضتها وانفتاحها الخارجي مع دول العالم في مختلف مجالات الحياة وإسهامها في البناء الحضاري الإنساني لتشكل تلك الانجازات العمانية تاريخاً حضارياً تليداً يحكى شواهده قصة تاريخ حافل بالبطولات والانجازات التي أمتدت إلى الأجيال الحاضرة، وتستمر بعون الله إلى المستقبل، فالاهتمام به والوعي بالتراث والثقافة والفكر وإدراكه ليكون زاداً صالحاً لشحذ وجدان الأمة بأصالتها ورسوخها والاستعانة به على رقيها في حاضرها ومستقبلها، وها نحن نشهد إنجازات متوالية في مختلف مجالات الحياة العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والعمرانية، وعلى صعيد آخر ظلت عُمان تمضي في نهجها الإنساني قرونا تلو الأخرى تتمسك بمبادئ السلام والمحبة لتزداد أكثر رسوخاً وتثبيتاً، فقد أرست عُمان في مبادئها السامية الرفيعة حُسن التعامل وثوابت المواقف ونشر الطمأنينة والأمان وظهر ذلك جلياً على مر العصور الزمنية وهو ما أسهم في امتداد العلاقات التجارية مع الأمم والحضارات المختلفة فصار الركب من الأئمة والسلاطين على هذا النهج بثبات ويقين لا يتزعزع والتزام ثابت وتمكين يتسم بسياسة حب الخير للإنسانية.
وأكد سعادته في كلمته بأن المؤتمرات والندوات تمثل أهمية خاصة في دراسة التاريخ الحضاري لسلطنة عُمان وتتبع ما حققه الانسان العماني على مدار الحقب التاريخية المختلفة وأولت الهيئة اهتمامها أدراكاً منها بتحقيق الأهداف المرجوة والغايات المنشودة التي أنشئت من أجلها ومنها استغلال الوثائق والدراسات والبحوث ومختلف المصادر الأستغلال الأمثل دراسة وبحثاً وإصداراً وأصبح ذلك منهجاً تعمل عليه الهيئة بأحداث سلسلة من الندوات والمعارض الوثائقية لإبراز الجوانب الحضارية والتاريخية للمحافظات والمدن العُمانية .
مضيفا: تعقد هذه الندوة في محافظة جنوب الشرقية للوقوف على دورها التاريخي ، فهي حاضرة عُمانية قامت على أرضها الطيبة حضارة تمتد لقرون عديدة وأضحت موطناً تجارياً ومعبراً في التواصل التجاري والثقافي والاجتماعي فكانت جنوب الشرقية بولاياتها محوراً مهماً من محاور الاحداث العمانية وشكلت اهتماما في ثنايا التاريخ العماني دون انقطاع لحقب عديدة وهي اليوم تنعم كغيرها من محافظات سلطنة عُمان بنهضة مباركة في مختلف مجالات الحياة وها هم أهلها الكرام يساهمون في مسيرة البناء والتطور والنماء لسلطنة عُمان بكل كفاءة واقتدار وأدوارهم شاهدة على خلقهم الكريم.

فعاليات اليوم الأول
شهد حفل الافتتاح تقديم عرض مرئي لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بعنوان (ذاكرة وطن) وعرضا مرئيا بعنوان (محافظة جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العماني) لتنطلق بعدها جلسات الندوة والتي تقام على مدى ثلاثة أيام وتشهد عرض 27 ورقة عمل تستعرض أهم الأحداث التي شهدتها المحافظة في التاريخ تتطرق إلى أهمية المحافظة من الجانب التاريخي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي يقدمها نخبة من الأساتذة والباحثين.
واشتملت الندوة في اليوم الأول جلسة واحدة ترأسها الدكتور علي بن سعيد الريامي وتضمنت سبع أوراق تناولت الورقة الأولى موضوع محافظة جنوب الشرقية وخصائص الموقع الجغرافي والإمكانيات الاقتصادية والسياحية قدمها الدكتور سالم بن مبارك الحتروشي أستاذ الجغرافيا الطبيعية وأكاديمي متفرغ سلطنة عُمان.
فيما تطرقت الورقة الثانية إلى جوانب حضارية لمدينة قلهات في ظل حكم الهرمزيين من القرن 7-9هـ/‏ 13-15م قدمتها الدكتورة فاطمة بلهواري أستاذة التاريخ بجامعة السلطان قابوس سلطنة عُمان. وتناولت الورقة الثالثة موضوع مدينة قلهات في المراسلات الرسمية البرتغالية (1504-1522م) عبارة عن دراسة وثائقية للدكتور سليمان بن سعيد الكيومي أستاذ مساعد بجامعة البريمي.
وتحدثت الورقة الرابعة موضوع التلامس الأوروبي الإسلامي في الرؤية الحضارية لمدينة قلهات في القرن (8هـ (14م من خلال رحلتي ماركو بولو وابن بطوطة وهي دراسة مقارنة للأستاذ الدكتور فيصل سيد طه حافظ أستاذ التاريخ الاسلامي، بجامعة الكويت بدولة الكويت.
وشهدت الورقة الخامسة موضوع سعيد أبو علي القلهاتي ومكانته في القصر الصيني قدمتها مريم بنت سعيد البرطمانية باحثة دكتوراه بجامعة السلطان قابوس.
وتناولت الورقة السادسة موضوع رأس الحد وطيوي في المصادر البرتغالية المترجمة (1507 - 1650م) قدمها أحمد بن حميد التوبي أخصائي مناهج تعليمية تاريخ أول بوزارة التربية والتعليم بسلطنة عُمان.
واختتمت الجلسة بالورقة السابعة لموضوع جعلان بني بوحسن ومكانتها التاريخية (1901-1601) قدمها الدكتور عادل بن راشد المطاعني استشاري زائر بجامعة السلطان قابوس.
شهدت الندوة في يومها الأول افتتاح المعرض الوثائقي المصاحب والذي اقيم بمجلس العفية ويستمر حتى 27 مايو الجاري. وقام راعي افتتاح الندوة والحضور بجولة في اركان المعرض الذي استعرض الجوانب التاريخية لمحافظة جنوب الشرقية الى جانب عرض مجموعة من الوثائق والصور التاريخية والخرائط والمحفوظات التي تبيّن جزءًا من التاريخ العريق الذي تزخر به سلطنة عمان.
تتضمن فعاليات الندوة اليوم جلستين الأولى يترأسها الدكتور موسى بن سالم البراشدي وتضم ستة أوراق من بينها ورقة حول صور (المدينة والميناء) في كتب الرحالة والمستكشفين والتقارير الأجنبية للدكتور سالم بن حمد النبهاني معلم أول تاريخ بوزارة التربية والتعليم، و النشاط التجاري لمدينة صور في الثاني من القرن التاسع عشر للدكتور بدوي رياض عبد السميع أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة بجمهورية مصر العربية، والاضطرابات بصور فترة حكم السلطان فيصل بن تركي من خلال وثائق الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي للدكتور محمد بن عبد المومن محمد أستاذ جامعي بجامعة وهران بالجزائر، والنشاط التجاري في مدينة صور خلال النصف الأول من القرن 20م للدكتور سليمان بن عمير المحذوري مدير دائرة الموارد البشرية بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وصور العمانية في التقارير والسجلات البريطانية: تقرير الوكيل السياسي ج.ب. ميرفي عام 1929م نموذجاً للدكتورة هيفاء بنت أحمد المعمرية باحثة دراسات وتطوير أول بوزارة التربية والتعليم.
فيما يترأس الجلسة الثانية الدكتور عبدالواحد النبوي عبدالواحد وتضم ستة أوراق، الورقة الأولى حول التعاملات التجارية بين عمان وشرق أفريقيا مخطوطة دفتر حسابات محمد المديلوي وصالح العتيقي أنموذجاً (1350-1361هـ /‏ (1942-1932 للدكتور ناصر بن سعيد العتيقي باحث دراسات تاريخية أول بوزارة التراث والسياحة ك، والثانية بعنوان علاقة محافظة جنوب الشرقية بسلطنة عمان مع دولة الكويت خلال النصف الأول من القرن العشرين للدكتور حسام السيد شلبي أستاذ مساعد بجامعة الأزهر بالمنصورة بمصر والثالثة بعنوان جزيرة مصيرة وتأثيرها الجيوستراتيجي في أربعينيات القرن العشرين للدكتورة بهية بنت سعيد العذوبية مشرفة أول تاريخ بوزارة التربية والتعليم، والرابعة بعنوان تاريخ البحث الأثري في محافظة جنوب الشرقية وأبرز المواقع الأثرية المكتشفة يقدمها سلطان بن سيف البكري مستشار وزير التراث والسياحة للتراث بوزارة التراث والسياحة، والورقة الخامسة بعنوان التحصينات الدفاعية بمدينة صور العمارة والتأهيل للدكتور زكريا طعمة قضاه خبير هندسة ومحاضر غير متفرغ بقسم الهندسة بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية، والسادسة بعنوان أهم معثورات المواقع الأثرية ودلالاتها بمحافظة جنوب الشرقية تقدمها وضحة بنت محمد الشكيلية رئيسة قسم الجرد والتوثيق بالمتحف الوطني. يشار إلى أن الندوة جاءت من أهمية تتبع أثر التاريخ العُماني على امتداد الحقب الزمنية واتساع رقعته الجغرافية وتهدف إلى التعريف بالدور التاريخي الذي قامت به محافظة جنوب الشرقية عبر تاريخها الطويل وانعكاس ذلك الدور على تاريخ المحافظة بوجه خاص، وذلك من خلال استعراض ودراسة المصادر التاريخية المتنوعة، والوثائق والمخطوطات والروايات الشفوية، حيث تحظى محافظة جنوب الشرقية بأهمية في التاريخ العُماني، فهي موطنا للحضارة والتراث العُماني الخالد وجسرا لطرق القوافل التجارية البحرية إلى الخارج. وتنفرد محافظة جنوب الشرقية بمقومات جغرافية ومناخية مختلفة، إلى جانب المقومات البشرية التي تضفي للمكان أهميته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.