أمَّ معاذ بن جبل يومًا من الأ‌يام الناس في الصلا‌ة، فشرَع في سورة طويلة، فانصرف رجل وصلَّى وحده، فقيل: نافَق فلا‌ن، فشكى الرجل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ثم إن معاذًا أتى إلى رسول الله فقال له:(أفتَّان أنت يا معاذ؟!)، وكذلك الرجل الآ‌خر، قال له الرسول (صلى الله عليه وسلم):(إن منكم مُنفِّرين، فأيُّكم أَمَّ الناس، فليُخفف)، وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا) (متفق عليه).
هكذا كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)يحث أصحابه على التيسير وترغيب الناس في العبادة وغيرها من أوامر الشرع، وهم يعيشون في مجتمع إيماني خالص الايمان، وبينهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)معلمًا وواعظًا ومبشّرًا.
فما أحوجنا نحن في هذا الزمان وقد انتشرت فيه الفتن والابتلاءات؛ إلى من يخاطب شبابنا ويشرح لهم أمور دينهم بلطف ويسر، ويجمل لهم تعاليم الدين بلغة وأسلوب قريب من فهمهم وفكرهم وثقافتهم، فلم يعد أسلوب الخطابة التقليدي الذي كان معتمدًا منذ مئات السنين مقبولًا لدى هذا الجيل المنشغل عقله بالحداثة والمزدحم تفكيره بالطفرة العصرية في مختلف العلوم، إنه بحاجة إلى من يخاطب عقله، ويحصنه من الافكار الشاذة المنتشرة تحت غطاءات مختلفة، ويقربه من ربه حبًّا أولًا ثم خوفًا وطاعة. إن انتشار الالحاد والافكار غير السوية بين الكثير من الشباب يحتاج الى العودة إلى المدرسة المحمدية الشريفة العظيمة، التي نقلت العرب من ظلام الجاهلية إلى نور الايمان دون قتال ولا تخويف ولا ترهيب (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ). ومن المواقف الخالدة التي تؤكد على انتقاء طريقة الحوار وحسن الخطاب في نشر الدعوة أمر الله عز وجل نبيه موسى وأخيه هارون (عليهما السلام) بلين الحديث عند محاورة فرعون، وهو عدو الله الذي طغى في البلاد وأكثر فيها الفساد (فَقُولَا لَهُ قَولا لَّيِّنا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَى).


سعيد بن محمد الرواحي
كاتب عماني