حققت الزيارة الرَّسميَّة التي اختتمها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ أمس لجمهوريَّة إيران الإسلاميَّة، العديد من الأهداف السياسيَّة والاقتصاديَّة، التي من المنتظر أنْ تطوِّر العلاقات الثنائيَّة بَيْنَ البلدَيْنِ الصَّديقَيْنِ إلى آفاقٍ أرحب في شتَّى المجالات والأصعدة، حيث وجَّه ـ في ختام الزيارة ـ حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ وفخامة الرئيس الدكتور إبراهيم رئيسي رئيس الجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة حكومتَيْهما بالعمل على التوصُّل إلى وثيقة التعاون الاستراتيجيِّ بَيْنَهما والتوقيع عليها في مختلف المجالات التي تُعزِّز التعاون المشترك والمنافع المتبادلة في إطار سُبل تمتين العلاقات بَيْنَ البلدَيْنِ الصَّديقَيْنِ ووضع أُسُس للمحافظة على ديمومتها.
لقد عكس البيان المشترك الصادر في ختام الزيارة الارتياح بشأن العلاقات الثنائيَّة المبنيَّة على الأُخوَّة والمصالح المشتركة وحرصهما على توسيع متزايد للعلاقات في المستقبل، وأكَّد الدَّور الفعَّال للقِطاع الخاصِّ في البلدَيْنِ لتوسيع آفاق التعاون الاقتصاديِّ، والنُّموَّ المتواصل للتبادل التجاريِّ وزيادة الاستثمارات المشتركة في ظلِّ هذه العلاقات، وكانت أبرز ثمار تلك المباحثات بَيْنَ جلالته ـ أعزَّه الله ـ وفخامة الرئيس الإيراني، توقيع سلطنة عُمان والجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة على مذكّرتَي تفاهم واتفاقيَّتَي تعاون لتعزيز التنمية والاستثمار بَيْنَ البلدَيْنِ الصَّديقَيْنِ، وتركِّز مذكّرتا التفاهم الموقَّعة بَيْنَ البلدَيْنِ على مجالات ترويج الاستثمار وتبادل الفرص الاستثماريَّة وتعزيز التنمية والاستثمار في المناطق الاقتصاديَّة الخاصَّة والمناطق الحُرَّة، فيما تتعلَّق الاتفاقيَّتان بتبادل المعلومات النفطيَّة والدراسة المشتركة لمشروع حقل هنجام ـ بخا، كما وقَّع مجلس رجال الأعمال العُمانيُّ الإيرانيُّ المشترك على مذكّرة تفاهم مع مجموعة إيران خودرو الصناعيَّة وتختصُّ بعمل دراسة جدوى اقتصاديَّة وتجاريَّة حَوْلَ إيجاد الأرضيَّة المناسبة لبيع السيارات وخدمة ما بعد البيع لها.
إنَّ تلك الاتفاقيَّات الموقَّعة وغيرها من الاتفاقيَّات محلِّ النقاشات ستؤسِّس انطلاق مرحلة جديدة من العمل الدؤوب والتعاون المثمِر بَيْنَ البلدَيْنِ الصَّديقَيْنِ خلال المرحلة المقبلة، خصوصًا مع حرص القيادتَيْنِ على متابعة تفعيل الاتفاقيَّات الثنائيَّة الموقَّعة بَيْنَهما، وتعزيز التعاون في مختلف المجالات منها النفط والغاز والطاقة المتجدِّدة والسياحة والزراعة والصناعة والملاحة البحريَّة والربط المباشر بَيْنَ الموانئ العُمانيَّة والإيرانيَّة. وعلى الصعيد السياسيِّ، كانت الجهود العُمانيَّة محلَّ تقدير من الجانب الإيرانيِّ، حيث أعرب فخامة الرئيس الإيراني عن تقديره الكبير للنهج الحكيم لجلالة السُّلطان المُعظَّم ـ أعزَّه الله ـ والسياسات البنَّاءة التي يتَّبعُها على السَّاحتَيْنِ الإقليميَّة والدوليَّة والتي أسهمَتْ في السَّلام والاستقرار في المنطقة. وفي رسالة واضحة المعالم، رحَّب الجانبان بترسيخ ثقافة الحوار في المنطقة لتسوية القضايا العالقة وتوطيد العلاقات بَيْنَ دوَل الجوار بما يُحقِّق السَّلام والازدهار الذي يطمح إليه جميع شعوب المنطقة. وأكَّدا المُضيَّ قُدمًا في معالجة وإيجاد الحلول السَّليمة للقضايا والتطوُّرات في المنطقة، وهي رسالة تطمينيَّة لكافَّة دوَل المنطقة، تؤشِّر لعصر جديد من التفاهمات والتعاون ليس بَيْنَ السَّلطنة وإيران فحسب، لكنَّه طريق اختاره البَلدانِ ليكُونَ نموذجًا في التعاون في مستقبل الإقليم، الذي عانى في السابق من خلافات أثَّرت على مقدَّراته التنمويَّة.