خلال استضافته برابطة الكتاب الأردنيين

عمّان (العُمانية):
قال الروائي الجزائري واسيني الأعرج إن مهمة الكاتب بالدرجة الأولى هي مهمة أدبية وليست سياسية، فالكاتب يعيش مع مواطنين مختلفي الأفكار والمرجعيات وينتمي لمنظمات اجتماعية أو سياسية أو معنية بحقوق الإنسان ولكن تميّزه يكمن في أن له مصنعاً خاصاً يأخذ المواد الأولية من محيطه ويُدخلها في منظومة لغوية بعيداً عن الخطاب السياسي أو الديني.
وطرح الأعرج ـ الذي استضافته رابطة الكتاب الأردنيين في حوار مفتوح أداره الروائي الأردني جمال ناجي ـ عدداً من الأسئلة التي تؤرق الخطاب الثقافي السردي بعامّة والروائي بخاصة مؤكداً أن "الخطاب يحاكي أو ينشئ خطابات غير مزيفة ويحاول كتابة الأشياء وفق ما يمليه علم النفس الأدبي".
وأوضح الأعرج أنه يفهم الرواية ويكتبها انطلاقاً من أنها "نص أدبي ملتزم" ممثّلاً على هذا بروايته "البيت الأندلسي" التي تحدّث فيها عن الهوية داخل منظومة أدبية غير سياسية موضحاً أن قضية الهوية شكّلت هاجساً دائماً له وأنه انشغل بها من خلال منظومة إنسانية عروبية إسلامية لم يتنكر لها
مطلقاً ومن خلال تلك الهوية تحركت رواياته للعالم.
وتابع الأعرج في هذا السياق: "هويتنا تـُفرَض علينا ولا نختارها، إنها المعبّر عن الميراث الثقافي الذي ننطلق منه ويشكلُ البعد الإسلامي والعروبي طليعة العناصر المكونة لها لذا فإن تمسّكي بها هو ردّ فعل ضدّ محاولات طمسها وضدّ الذين وقفوا في وجه استقلال الجزائر".
وحول أعماله الأدبية التي وصفها بعضهم بـ"التاريخية" قال الأعرج إن على الكاتب إعادة البعد الإنساني للتاريخ في مواجهة الذين يعملون على تدمير الذات العربية كي لا تنهض موضحاً أن كتابته للتاريخ لم تكن من منطلق التفاؤل أو التشاؤم بل عبْر نوع من التأمل والأمل الداخلي مشيراً إلى أنه
أدرج التاريخ وبخاصة الأندلسي في رواياته لإيمانه بأن هذا التاريخ جزء من الهوية الثقافية لبلدان المغرب العربي وبأن الأندلس "جزء من ذاكرتنا وهويتنا".
وبيّن الأعرج أن التاريخ العربي يحتاج اليوم لقراءة أعمق من دور المؤرخ الرسمي فهو يحتاج إلى دور الأدباء وبخاصة أن جزءاً كبيراً من الكتابة له علاقة بالتاريخ".
ورأى أن الرواية العربية لامست معضلات المجتمعات العربية كالصراعات الطائفية والتاريخية
وعالجت بتقنية عالية قضية الأمازيغ والأكراد والعلاقات الإنسانية التي ترسّخت في نصف القرن الماضي فخرجت من ضيق الرؤية ومن دائرة السياسي إلى رحابة الإنساني مؤكداً أن "هناك الكثير من النصوص العربية التي يمكن وضعها في مواجهة أيّ نص عالمي على مستوى التقنيات المستعملة
والقضايا المثارة فيها.
وتناول الأعرج في لقائه مع الجمهور الذي ملأ أرجاء قاعة رابطة الكتاب مسألة تعايش الحضارات معتقداً أن "البشرية تستطيع أن تسلك مسلكاً لتعايش الحضارات بعد طول صدام" داعياً إلى البدء بـ"ترميم المجتمعات".
وخلال نقاشه مع الجمهور كشف الأعرج عن مشروعه الروائي المقبل الذي يحمل عنوان "العربي الأخير" والذي يقوم على تحليل الراهن العربي مع استشراف ما سيكون عليه الواقع العربي في المستقبل.
وكانت الدكتورة رزان إبراهيم قدمت مداخلة نقدية حول الأبعاد الفكرية والفنية في روايات الأعرج لفتت فيها إلى ما يمتلكه الكاتب من قدرة على التواصل مع القرّاء في كل مكان نظراً لطبيعة روايته التي تعبّر عن قدرة خاصة في الخطاب السردي الذي يترك مساحة لخيال المتلقي.