لُقِّب بهذا اللقب الصحابي الجليل:(الطُّفَيْل بن عَمْرو)، واسمه:(الطُّفَيْل بن عَمْرو بن طَرِيف بن العاص بن ثَعْلَبَة بن سُلَيم بن فَهْم بن غَنْم بن دَوْس الدَّوْسِيُّ الْأَزْدِيُّ)،كما في (فتح الباري لابن حجر 8/‏ 101)، و(جامع الأصول 12/‏ 540).
ـ سبب تلقيبه بـ(ذو النور):
قال الطفيل عن نفسه (فَأَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، وَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ؛ إِنِّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي قَوْمِي، وَإِنِّي رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ، فَدَاعِيهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ،فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يَجْعَلَ لِي آيَةً تَكُونُ عَوْنًا لِي عَلَيْهِمْ، فِيمَا أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ:”اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ آيَةً”، قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةٍ تُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ، وَقَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيَّ مِثْلُ الْمِصْبَاحِ، قُلْتُ: اللَّهُمَّ فِي غَيْرِ وَجْهِي إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا مُثْلَةٌ وَقَعَتْ فِي وَجْهِي لِفِرَاقِي دِينِهِمْ، قَالَ: فَتَحَوَّلَ فَوَقَعَ فِي رَأْسِ سَوْطِي كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ، وَأَنَا أَنْهَبِطُ إِلَيْهِمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ حَتَّى جِئْتُهُمْ)(زاد المعاد في هدي خير العباد 3/‏ 546)، وأن الطفيل(كَانَ يُسَمَّى ذَا الْقُطْنَتَيْنِ) وفي نسخة (القدسي 3/‏ 45):(“الطفيتين” ولا معنى لها) كما في (تاريخ الإسلام، ت: تدمري 3/‏ 62)، وذكر (ابن سعد في الطبقات 4/‏ 238):(أن رجالًا من قريش مشوا إلى الطفيل يخاصمونه بكلام ذكره.. إلى أن قال:قال الطفيل: حتى كان يقال لي ذو القطنتين..).
ـ إسلامه:
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:(وَكَانَ الطفيل رَجُلًا شَرِيفًا شَاعِرًا لَبِيبًا، قَدِمَ مَكَّةَ فَمَشَى إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ،قَالُوا لَهُ: إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلَادَنَا، وَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كَالسِّحْرِ، وَإِنَّمَا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مَا قَدْ حَلَّ عَلَيْنَا، فَلَا تُكَلِّمْهُ وَلَا تَسْمَعْ مِنْهُ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا بِي حَتَّى أَجْمَعْتُ أَنْ لَا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا أُكَلِّمَهُ حَتَّى حَشَوْتُ فِي أُذُنَيَّ حِينَ غَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ كُرْسُفًا، فَرَقًا مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ.قَالَ: فَغَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَقُمْتُ قَرِيبًا مِنْهُ، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلِهِ، فَسَمِعْتُ كَلَامًا حَسَنًا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ، مَا يَخْفَى عَلَيَّ الْحَسَنُ مِنَ الْقَبِيحِ، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ مَا يَقُولُ؟ فَإِنْ كَانَ مَا يَقُولُ حَسَنًا قَبِلْتُ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُ.قَالَ: فَمَكَثْتُ حَتَّى انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى بَيْتِهِ، فَتَبِعْتُهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ قَالُوا لِي: كَذَا وَكَذَا، فَوَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يُخَوِّفُونِي أَمْرَكَ حَتَّى سَدَدْتُ أُذُنَيَّ بِكُرْسُفٍ لِئَلَّا أَسْمَعَ قَوْلَكَ، ثُمَّ أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُسْمِعَنِيهِ، فَسَمِعْتُ قَوْلًا حَسَنًا، فَاعْرِضْ عَلَيَّ أَمْرَكَ، فَعَرَضَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيَّ الْقُرْآنَ، فَلَا وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَا أَمْرًا أَعْدَلَ مِنْهُ، فَأَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، وَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ؛ إِنِّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي قَوْمِي، وَإِنِّي رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ، فَدَاعِيهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ،..)(زاد المعاد في هدي خير العباد 3/‏ 546).
ـ استشهاده رضي الله عنه:
قال ابن إسحاق:(فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، خَرَجَ الطفيل مَعَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى فَرَغُوا مِنْ طليحة، ثُمَّ سَارَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْيَمَامَةِ وَمَعَهُ ابْنُهُ عمرو بن الطفيل، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا، فَاعْبُرُوهَا لِي: رَأَيْتُ أَنَّ رَأْسِي قَدْ حُلِقَ، وَأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ فَمِي طَائِرٌ، وَرَأَيْتُ أَنَّ ابْنِي يَطْلُبُنِي طَلَبًا حَثِيثًا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ حُبِسَ عَنِّي. قَالُوا: خَيْرًا رَأَيْتَ.قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي قَدْ أَوَّلْتُهَا. أَمَّا حَلْقُ رَأْسِي، فَوَضْعُهُ، وَأَمَّا الطَّائِرُ الَّذِي خَرَجَ مِنْ فَمِي فَرُوحِي، وَالْأَرْضُ تُحْفَرُ فَأُغَيَّبُ فِيهَا، وَأَمَّا طَلَبُ ابْنِي إِيَّايَ وَحَبْسُهُ عَنِّي، فَإِنِّي أَرَاهُ سَيَجْهَدُ لِأَنْ يُصِيبَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَا أَصَابَنِي، فَقُتِلَ الطفيل شَهِيدًا بِالْيَمَامَةِ، وَجُرِحَ ابْنُهُ عمرو جُرْحًا شَدِيدًا)(زاد المعاد، مرجع سابق3/‏ 546).



محمود عدلي الشريف
[email protected]