”.. بسبب من زيادة الضغوط التشريعية للامتثال لمكافحة الإرهاب وارشادات مكافحة غسيل الأموال قررت بنوك كثيرة وقف خدمة الحسابات التي يستخدمها مشغلو تحويل الأموال لمساعدة الصوماليين على ارسال المال الى بلادهم، في خطوة توصف بنزع المخاطرة، والتي أخذت في التسارع برغم تراجع المساعدات الانسانية إلى الصومال.”
ــــــــــــــــــــــ

اذا كان نائب الرئيس الأميركي جون بايدن يريد حقا مساعدة أصدقائه الأميركيين من أصل صومالي فقد حان الوقت لذلك.
فقد قال نائب الرئيس مؤخرا إن لدينا علاقات ممتازة مع سائقي سيارات الأجرة الصوماليين في ولمنجتون بولاية ديلاوير، وأن المدينة تضم جالية صومالية كبيرة، بيد أن الحقيقة هي أن ولمنجتون تضم عددا كبيرا من غرب أفريقيا وليس الصومال.
ربما صادف بايدن سائق سيارة اجرة صوماليا في مكان ما، ولوحدث لربما كان هذا السائق واحدا من عشرات الألوف من الصوماليين بالولايات المتحدة الذين يعتمدون على خدمات تحويل الأموال لارسال المال إلى أهاليهم والمشاريع الصغيرة بالصومال كي يسددوا مقابل أساسيات مثل الغذاء والكساء والدواء ومصاريف المدارس. لقد عانت الصومال من انهيار سياسي عام 1991 ولا يوجد لديها أساسا قطاع مصرفي مركزي، ولا تزال تكافح الارهاب وعدم الأمن الغذائي الحاد والجريمة. وعلى المستوى العالمي يرسل الشتات الصومالي الى بلاده ما يقرب من 1.3 مليار دولار سنويا، تمثل 25% الى 45% من الناتج المحلي الاجمالي الصومالي، وما يقرب من خمس هذا المبلغ يأتي من الصوماليين المقيمين بالولايات المتحدة.
إن الصوماليين يواجهون اليوم أزمة خطيرة ساعدت واشنطن على نشوئها.
فبسبب من زيادة الضغوط التشريعية للامتثال لمكافحة الإرهاب وارشادات مكافحة غسيل الأموال قررت بنوك كثيرة وقف خدمة الحسابات التي يستخدمها مشغلو تحويل الأموال لمساعدة الصوماليين على ارسال المال إلى بلادهم، في خطوة توصف بنزع المخاطرة، والتي أخذت في التسارع برغم تراجع المساعدات الإنسانية إلى الصومال. وقد حدث مؤخرا سبب للتفاؤل في الصومال ولكنه العواقب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الكارثية لغلق تدفقات العوائد من شأنه التأثير سلبا وبشدة على التقدم الذي حققه هذا البلد في السنوات الأخيرة.
بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، بدأت الولايات المتحدة النظر بشكل أكثر جدية في دور تدفقات المال العالمية في تمويل الارهاب، وأجبر قانونا الوطنية وسرية البنوك المصارف على مساعدة جهود الحكومة في كشف غسيل الأموال. وقد تواجه المؤسسات غرامات باهظة لعدم الامثتال: ففي عام 2012 تم تغريم بنك اتش اس بي سي نحو بليوني دولار لحسم قضية غسيل أموال تورط فيها لوردات المخدرات المكسيكيون، فيما تسببت أعمال الإرهاب الشنيعة في القرن الأفريقي لحركة الشباب الصومالية ونقص التشريعات المالية الرسمية بالصومال والبيئة التشريعة الاميركية الصارمة في ايجاد عاصفة كاملة من المخاطرة للبنوك المرهقة.
المفارقة أن الضغوط التشريعية الأميركية من شأنها أن تأتي بنتائج عكسية؛ ذلك فإن وقف تدفقات عوائد العاملين بالخارج في الصومال سيجبر الناس على التحول الى السوق السوداء لتحويل أموالهم وتشجيع المجرمين –والإرهابيين- على استغلال اولئك الحريصين على استمرار وصول شرايين الحياة المالية الى بلادهم.
وقد اقترحت بعض الجماعات الحقوقية مثل اوكسفام بعض الحلول الممكنة مثل تخصيص مؤسسة حكومية مثل البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك للتعامل مع صناديق مشغلي تحويل أموال الصوماليين، أو وضع استثناء انساني لملاذ آمن للبنوك لتقرر خدمة حسابات تحويلات الصوماليين بحمايتها من المسئولية ما دامت تلبي متطلبات اليقظة المحددة.
وقد التقى مؤخرا مسئولون من وزارتي الخارجية والخزانة والاحتياطي الفيدرالي وشبكة مكافحة الجرائم المالية وغيرها من الوكالات الحكومية في كابتول هيل لمناقشة الوضع في الصومال ولكن دون الخروج بحلول محددة.
إن تحقيق تعاون فعال وسريع بين الوكالات الحكومية حول هذه القضية يشكل تحديا على الأرجح. غير أن الوقت أصبح ترفا لا يملكه الصوماليون الذين يعتمدون على التحويلات المالية. إن آخر رسالة يجب على إدارة أوباما أن ترسلها للصوماليين والأميركيين من أصل صومالي هي أن الولايات المتحدة ترغب في معاقبة بلد بأكمله بسبب تصرفات قلة قليلة. إن اليأس والجوع هما وقود الارهاب، وعلى الادارة الأميركية أن تسارع بالتأكيد على التزامها بإيجاد سبيل للمحافظة على شريان حياة الصومال المالي على قيد الحياة.

كارين عطية
نائب رئيس تحرير صفحة الآراء الالكترونية
للواشنطن بوست خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز – خاص بالوطن