يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد
باريس ـ (أ.ف.ب):
ينتظر علماء الاثار تبيان حجم الدمار الذي لحق بمدينة نمرود الاثرية الاشورية في شمال العراق، والتي اعلنت الحكومة العراقية الخميس ان تنظيم "داعش" قام بـ "تجريفها"، فيما اعتبرته الامم المتحدة "جريمة حرب".
وقالت وزارة السياحة والآثار العراقية ان التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة من البلاد منذ يونيو، قام بتجريف المدينة الاثرية التي يعود تاريخها الى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، بعد ايام من نشره شريطا يظهر قيامه بتدمير آثار في مدينة الموصل (شمال)، والتي احرق كذلك مكتبتها.
وقال مسؤولون عراقيون في مجال الاثار، ان تنظيم "داعش" استقدم نهاية الاسبوع الماضي شاحنات الى نمرود المجاورة لنهر دجلة، على مسافة ثلاثين كلم جنوب شرق الموصل، كبرى مدن شمال البلاد واولى المناطق التي سيطر عليها التنظيم في هجوم يونيو.
وقال مسؤول رفض كشف اسمه "حتى الآن، لا نعرف حجم التدمير في الموقع".
ونمرود هي احدث ضحية في سلسلة من عمليات تدمير ينفذها التنظيم بحق التراث العراقي العائد الى قرون مضت، لا سيما في الموصل.
وقال عبد الامير حمداني، وهو عالم آثار عراقي في جامعة ستوني بروك الاميركية، لوكالة فرانس برس "انا فعلا محطم، الامر مجرد وقت فنحن ننتظر شريط الفيديو، الامر محزن".
وتعد اثار نمرود درة الحضارة الآشورية. ويضم موقعها نقوشا مذهلة وتماثيل ضخمة لثيران مجنحة.
ومن أبرز الآثار التي عثر عليها في الموقع "كنز نمرود" الذي اكتشف في 1988، وهو عبارة عن 613 قطعة من الاحجار الكريمة والمجوهرات المصنوعة من الذهب. ووصف العديد من علماء الآثار هذا الاكتشاف، بانه الاهم منذ اكتشاف قبر الفرعون توت عنخ آمون في العام 1923.
ونقل هذا الكنز من الموقع قبل اعوام طويلة.
وقال حمداني "آسف للقول ان الجميع كان يتوقع هذا الامر. خطتهم هي تدمير التراث العراقي، موقعا بعد آخر".
وتابع "مدينة الحضر بالتأكيد ستكون التالية"، في اشارة الى المدينة التاريخية وسط صحراء نينوى، ويعود تاريخها لألفي عام قبل الميلاد.
والمدينة مدرجة على لائحة منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" للتراث العالمي.
واستنكرت المديرة العامة ايرينا بوكوفا الجمعة تدمير آثار نمرود.
وقالت "لا يمكننا البقاء صامتين"، مؤكدة ان "التدمير المتعمد للتراث الثقافي يشكل جريمة حرب".
واكدت "رفع المسألة الى مجلس الامن الدولي والمدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية"، داعية "مجمل الاسرة الدولية (الى) توحيد جهودها" من اجل "وقف هذه الكارثة".
واعتبرت ان "التطهير الثقافي الجاري في العراق لا يوفر شيئا ولا احدا، يستهدف الحياة البشرية والاقليات ويترافق مع التدمير المنهجي للتراث البشري الذي يعود الى الاف السنين".
ودعت "كل المسؤولين السياسيين والدينيين في المنطقة الى الوقوف في وجه هذه الهمجية الجديدة".
وابدى العراقيون حسرة على رؤية تراث بلادهم يدمر شيئا فشيئا.
وقال الكاتب والشاعر ابراهيم داوود "بعدما قتلوا النفس البشرية، بدأوا بقتل الحضارة وازالتها".
وقال ستيوارت غيبسون، خبير المتاحف في اليونيسكو، ان تاثير المجتمع الدولي محدود على تنظيم "داعش".
واوضح "طالبنا مرارا شعوب المنطقة بان تدرك القيمة غير القابلة للتعويض والحاجة الثقافية لحماية لتراثهم الثقافي".
اضاف "اليوم للاسف، الناس في المنطقة مرهقون ومرعوبون. وما على الباقي منهم سوى التطلع من الخارج بيأس مطلق".
وسبق لعناصر تنظيم "داعش" ان دمروا العديد من المواقع الاثرية في مدينة الموصل التي تعد من اقدم المدن في الشرق الاوسط.
ونقل العديد من آثار نمرود من الموقع الاثري متاحف عدة بينها متحفا الموصل وبغداد، اضافة الى متاحف في باريس ولندن وغيرها. الا ان ابرز القطع لا سيما التماثيل الآشورية الضخمة للثيران المجنحة بقيت مكانها.
ورغم دعوة اليونيسكو الى اتخاذ اجراءات اكثر صرامة لحماية المواقع الاثرية، الا غالبية هذه المواقع في شمال العراق تقع في مناطق خاضعة بشكل كامل لسيطرة "داعش"، دون تواجد قوات عراقية.