مسعى جمهوري لتعديل قوانين مشاركة الأقليات في الانتخابات

ألاباما (الولايات المتحدة) ـ وكالات: أحيت الولايات المتحدة الاميركية أمس الذكرى الخمسين لمسيرة الحقوق المدنية التي سجلت منعطفا في تاريخ الولايات المتحدة من خلال ضمانها حق التصويت للاميركيين من اصول افريقية في الولايات الجنوبية, على وقع تصاعد الاتهامات لنواب الكونجرس من الحزب الجمهوري بالسعي الى تعديلات على قوانين التصويت الانتخابات يقول مناهضوها انها تقيد مشاركة الاقليات في التصويت.
وشارك في الاحتفال الرئيس الاميركي باراك في سلما بولاية الاباما مهد المسيرة.
والقي اول رئيس اسود في تاريخ الولايات المتحدة كلمة امام جسر ادموند بيتوس الذي صدت عليه الشرطة بعنف مئات المتظاهرين المسالمين في هجوم صدم اميركا وادى بعد بضعة اشهر الى صدور قانون حقوق التصويت (فوتينغ رايتس اكت).
وكان باراك اوباما في الثالثة من عمره عند حدوث تلك الوقائع. وتعلم ذلك التاريخ من والدته عندما كان "في السادسة والسابعة والثامنة" من عمره. وروى عشية هذا الاحتفال "كانت تعطيني كميات من كتب الاطفال حول النضال من اجل الحقوق المدنية كما كانت تضع اغاني لمهاليا جاكسون (التي كانت مقربة من مارتن لوثر كينغ)".
ويأتي الخطاب الرئاسي بعد ثلاثة ايام من نشر تقرير يوجه الانتقاد الشديد الى وزارة العدل مشيرا الى التصرفات التمييزية للشرطة في فرغسون (ميزوري) التي كانت مسرحا لاضطرابات عنيفة بعد مقتل شاب اسود برصاص شرطي ابيض في اغسطس الماضي.
واستعدت مدينة سلما المقدر عدد سكانها ب20 الف نسمة (80% منهم من السود) منذ ايام عدة للاحتفال بهذه الذكرى في عطلة نهاية الاسبوع بمشاركة الرئيس السابق جورج بوش واكثر من مئة عضو في الكونجرس.
ويحظر التعديل الخامس عشر للدستور الاميركي الصادر في 1870 رفض قانون التصويت لاي مواطن "على اساس عرقه او لون بشرته". لكنه لم يحترم لفترة طويلة في ولايات الجنوب.
وفي يناير 1965 قال مارتن لوثر كينغ في سيلما "بالوتيرة الحالية سيحتاج ال15 الف اسود في منطقة دالاس ل103 سنوات ليتمكنوا من التسجيل على اللوائح الانتخابية".
وان كان القانون الذي وقعه الرئيس ليندون جونسون في السادس من اغسطس 1965 شكل قطيعة مع الماضي، فان عددا من الناشطين يعتبرون ان هذا الفصل لم يغلق بعد.
وكانت المحكمة العليا اعترضت على جزء من النص الذي يعتبر قاعدة الحقوق المدنية في 2013. واعتبرت ان أميركا "لم تعد منقسمة كما كانت في 1965" وبالتالي يجب على القانون ان يتطور.
من جهة اخرى يتهم الديموقراطيون الجمهوريين بالتلويح بخطر التزوير الانتخابي لادخال قيود اضافية بشأن التحقق من هوية الناخبين في بعض الولايات بهدف ردع الاقليات الذين يصوتون بغالبيتهم للحزب الديموقراطي عن التوجه الى صناديق الاقتراع.
واوضح جوليان كاسترو وزير الاسكان في حكومة اوباما الذي سيحضر الاحتفالات "ان النضال الذي بدأ هنا في سلما سيستمر باوجه عديدة".
وقال هذا المسؤول المكسيكي الاصل والنجم الصاعد في الحزب الديموقراطي "اميركا تتغير وتتنوع فيما توضع في الوقت نفسه قيود جديدة للثني عن التصويت".
وفي هذه المدينة الصغيرة في الجنوب الاميركي التي تشهد نسبة بطالة تزيد عن 10%، اي ضعف المعدل الوطني، وحيث تعيش قرابة 40% من الاسر تحت عتبة الفقر، يشمل النضال ايضا المطالبة بمساواة الفرص.
ولفت دين شو الذي يدير مؤسسة "ارسونال بليس اكسيليريتر" المكرسة للمساعدة على انشاء شركات الى "ان هذه المنطقة شهدت فترات عديدة من الانكماش والناس بحاجة للامل". واضاف "ان سلما تلقت الكثير من الانتباه لدورها في النضال من اجل الحقوق المدنية لكن ان تحدثتم الى سكانها فهم يريدون النمو الاقتصادي".
واعتبرت ليتاشا ايربي (36 عاما) التي تعمل في مصنع لقطع السيارات "هناك معارك اخرى يجب خوضها" في الاباما.
واضافت الشابة التي تتقاضى 12 دولارا على ساعة العمل "ان توحدوا وشكلوا جبهة واحدة (قبل 50 عاما) فذلك يمكن ان يحصل"، مشيرة الى اولوية النضال من اجل الحصول على "اجور لائقة" .
وتابعت "آمل ان تجذب الاحتفالات (بالذكرى الخمسين) الانتباه مجددا الى سلما وان تفضي مرة اخرى الى تغييرات ايجابية".
وفي سياق متصل ابدى وزير العدل الاميركي اريك هولدر استعداده لتفكيك شرطة فرجسن بعد يومين من نشر تقرير يدين عنصريتها وتمييزها ضد السود.
واعلن القضاء الاميركي ايضا العثور على رسائل الكترونية عنصرية مخبأة وتدل على انتهاكات متعددة للحقوق ارتكبتها الشرطة في هذه المدينة الواقعة في ولاية ميزوري (وسط) حيث قتل شرطي ابيض يدعى دارن ويلسون في اغسطس شابا اسود اعزل يدعى مايكل براون.
وقال هولدر "اننا مصممون على استخدام كل الصلاحيات التي بحوزتنا، كل القدرة التي نملكها للتأكد من ان الوضع سيتغير هناك. اقول فعلا كل شيء، من العمل معهم حتى التغيير الكامل للبنية".
وعلى سؤال حول امكانية تفكيك محتمل لشرطة فرجسن، اجاب وزير العدل "ان كان ذلك ضروريا نحن مستعدون لفعله".
وعبر ايضا عن "صدمته" لما اكتشف اثناء التحقيق الفدرالي الذي تبع الماساة والاضطرابات في سائر ارجاء الولايات المتحدة ووجه تحذيرا الى قوات الشرطة.
وقال اول وزير اسود للعدل في الولايات المتحدة "آمل ان يسمعوا ما نقول ويدركوا مدى اهمية ذلك على مستوى الحكومة الفدرالية وبامكانهم ان يكونوا على ثقة باننا سنستخدم كافة الوسائل المتاحة لدينا كي يسلط الضوء على ما حدث في فرجسن وكي لا يتكرر في مكان اخر".
واعتبر الرئيس باراك اوباما ايضا ان التصرفات العنصرية للشرطة في فرجسن ليست "حالة معزولة".
وقال الرئيس الاميركي في حديث لاذاعة سيريوس اكس ام "لا اعتقد ان يكون ذلك نمطيا لما يحصل لكنه ليس حادثا معزولا".
واضاف "هناك حالات حيث الثقة بين السكان والشرطة لم تعد قائمة".
وتابع "هناك افراد او اجهزة كاملة ليسوا مؤهلين او لا يعون ان عليهم حماية وخدمة الجميع وليس فقط البعض"، مشيرا الى شعار "الحماية والخدمة" لدى الشرطة الاميركية.
وجاءت تصريحات اوباما عشية زيارته الى سلما (الاباما) للاحتفال بالذكرى الخمسين لمسيرة قمعت بعنف واصبحت بدفع من مارتن لوثر كينغ رمز النضال السلمي للمطالبة بالحقوق المدنية.