تُمثِّل حياتك بكلِّ أشكالها ومجالاتها أنواعًا من الطاقة حتى وإن ظهرت على شكل مادي ملموس، فهي في الواقع طاقة تنشط من خلال مجالات اهتزازية، فكلُّ ما هو موجود في الحياة يُمثِّل أنواعًا مختلفة من الطاقة بأشكال وصور مختلفة، بدءًا من الإنسان وانتهاء بالصخور الصلبة، حتى العقل البشري يعتبر مجالًا للطاقة يستخدم عوامل الطاقة لخلايا الدماغ التي يعمل من خلالها. فالحياة عبارة عن سلسلة تفاعلات بين مجالات الطاقة المختلفة، كتفاعل طاقة الجسم مع طاقة العقل وطاقة الروح مشكلة حياة الإنسان.
وهناك طاقات إيجابية وأخرى سلبية، وتتأثر حياتنا بأنواع الطاقة التي نتفاعل معها، فقد تكون نتائج تفاعلنا إيجابية أو تكون سلبية، ويعتمد ذلك على نوع الطاقة التي نتفاعل معها، وكذلك الطاقة الإيجابية التي نتمتع بها، كالقوة الإيمانية والوعي الذاتي والحضور الذهني المتقد وتبنِّي توجُّهات إيجابية نحو الحياة ونحو الناس. وفي عالم اليوم تنتشر الكثير من الطاقات السلبية التي تفرزها مشاعر الحقد والكراهية والتنفس غير الشريف وافتتان البشر بالحياة الدنيا وعدم معرفتهم بالله، على الرغم من أنَّه لا يمكن اكتشافها بشكل عام للحواس الخمس الخارجية، إلا أنَّه يمكن أن يشعر بها أي شخص لديه حساسية لإدراك الطاقات في الهواء والشعور بها.
ويمكن أن يأتي هذا الشعور من الأشخاص أو الأماكن أو الأشياء، وقد يبدو الهواء مليئًا بالطاقة النفسية السلبية، أو على العكس من ذلك، قد يكون مليئًا بالطاقة النفسية الإيجابية. إذا كانت الطاقة إيجابية، فلا يوجد شيء تفعله سوى الوعي بها والحفاظ عليها والاستمتاع بها والحصول على المتعة من كونك جزءًا منها، لتذكر أنَّها تؤثر على مجالات الطاقة في جسمك وعقلك وأسرتك وفي عملك.
إذا كانت الطاقة سلبية، فيجب القيام بكلِّ ما هو ممكن لحماية نفسك من تأثيرها، لأنَّ هذه طاقة نفسية روحية، وهناك القليل الذي يمكنك القيام به جسديًّا لحماية نفسك من تأثيرها المدمر، ويجب أن تتمَّ معظم الخطوات لحماية نفسك على المستوى النفسي والروحي، حيث توجد الطاقة السلبية.
تأتي الطاقات السلبية على أشكال مختلفة قد تتمثل في عدم اتزان مجالات حياة الشخص أو أُسرته أو مجال عمله، وقد تظهر كمرض يفترسه، أو عدم اتزان انفعالي كالغضب والكراهية أو الغيرة أو الحسد أو الجشع أو الحاجة إلى الانتقام، وعندما تهيمن هذه الطاقات السلبية على نفسية الشخص فإنَّها تلحق الأذى والضرر بجودة حياته. وفي حقيقة الأمر فإنَّ ما يَعدُّ العديد من الناس اليوم إجهادًا مدمِّرًا للصحة غالبًا ما يحدث بسبب تدني كفاءة الوعي والجهل بالتعامل مع هذه الطاقات السلبية للحدِّ من تأثيرها.
إنَّ الكثير من الغضب العفوي يتشكل لدى الناس بسبب التذمُّر أو النقد أو الشعور بالظلم؛ لا يعدو أن يكونَ من أعراض تأثير الطاقات النفسية السلبية، كما أنَّ ما نراه من عنف في عالم اليوم هو نتيجة حتمية لتلك الطاقات النفسية الروحية المدمرة، ومن حُسن الحظ أنَّ تأثير هذه الطاقات السلبية يقلُّ كثيرًا عندما تكون لديك وفرة من الطاقات الإيجابية وخصوصًا طاقة الوعي الروحي، فمن خلال التأمل بمعية الله والحفاظ على العبادات وخصوصًا الصلاة وما يرتبط بها من سنن وأذكار فإنَّها تعزز مستوى الوعي الروحي لديك لكي تتصدى للطاقة السلبية وتبطل تأثيرها عليك (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).


د. أحمد بن علي المعشني
رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية