الحديث عن العلاقة بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية، حديث عن حضارتين من بين أقدم الحضارات البَشرية التي عرفها التاريخ فهي تمتد إلى آلاف السنين عندما كان الفراعنة يستوردون اللبان لمعابدهم من ميناء سمهرم بجنوب عُمان، وقد ظلَّت هذه العلاقة طوال القرون الماضية متصلة من خلال التبادل التجاري، وخلال الفتوحات الإسلامية كان للعمانيين حضور في الجيش الذي توجَّه بقيادة الصحابي الجليل عمرو بن العاص لفتح مصر، ولقد تعززت تلك العلاقات بشكلٍ أكبر مع بداية نهضة عُمان الحديثة في سبعينيات القرن الماضي بقيادة جلالة السُّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيَّب الله ثراه ـ من خلال النظرة الثاقبة للسُّلطان بوقوفه مع مصر في العديد من الأزمات وفي مقدِّمتها اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، الذي رفضها العرب وقطعوا علاقاتهم معها إلا سلطنة عمان التي آثرت أن تقف مع مصر في عزلتها العربية التي دامت لسنوات. ولقد زادت تلك العلاقة رسوخًا ومتانة مع نهضة عُمان المتجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ـ والتي كانت حاضرة وبقوَّة في لقاء جلالة السُّلطان والرئيس السيسي مؤخرًا في القاهرة.
واستحضارًا لهذه العلاقة المتميزة بين البلدين الشقيقين يأتي الملتقى الصحفي العُماني المصري، الذي تنظِّمه جمعية الصحفيين العُمانية بالمتحف القومي للحضارة المصرية ليعبِّر عن استمرار التواصل بين شَعبَي البلدين الشقيقين، ليس في المجال الصحفي فقط وإنَّما في عدد من المجالات من خلال ما ستشتمل عليه جلسات الملتقى من محاور حول العلاقات التاريخية القديمة والحديثة والاستثمار والاقتصاد ومجالات التعاون الإعلامي بكافة وسائله، بالإضافة إلى الفنون والأدب والثقافة وغيرها من المجالات الأخرى ذات الصلة بما لدى البلدين من تطوُّر وتقدُّم مهني وتقني وحضاري، والذي يفترض أن يكون حاضرًا في الجيل الجديد من الصحفيين والإعلاميين والمؤثِّرين على شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال بناء شراكات إعلامية امتدادًا لتلك العلاقة التي كانت حاضرة طوال السنوات الماضية عبر جيل من الصحفيين والإعلاميين المصريين، الذين كان لهم الدَّور الفاعل والمؤثر في بناء منظومة الصحافة والإعلام العُماني في بدايات النهضة المباركة.
إنَّ جمعية الصحفيين العُمانية وهي تنظِّم مثل هذه الملتقيات وفي عواصم مؤثرة وفاعلة اقتصاديًّا وسياسيًّا ومن بَيْنها القاهرة، تدرك أهميتها في نقل صورة عُمان التاريخ والحضارة وإسهاماتها طوال القرون الماضية في نهضة وتقدُّم البَشَرية، وتعمل من خلال سياستها المتزنة والتزامها بالحياد ونشر السلام والتسامح، على حل تلك القضايا التي تؤثر على مقدرات الأمم والشعوب وتزيد من آلامها ومواجعها، وبالتالي فإنَّ ما تحظى به من تقدير واحترام وسمعة عالمية نتيجة لهذا التوجُّه والخط الذي تسير عليه في بناء منظومة عالمية خالية من الحروب والنزاعات أوجد لها هذه المكانة عالميًّا. لذا فإنَّ هذه الملتقيات على الرغم من عدم قناعة البعض بجدواها، ستظل إحدى أهم قنوات التواصل بين سلطنة عمان والعالم.



طالب بن سيف الضباري
[email protected]