عقدت لجنة الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة، والمخصَّصة لإعلان التبرُّعات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى «أونروا» اجتماعًا في مقرِّ الأُمم المُتَّحدة في نيويورك يوم الجمعة 2/6/2023، كان الاجتماع بمثابة مؤتمر المانحين لوكالة (أونروا) لجمع التبرُّعات الماليَّة للوكالة، وللأسف لَمْ ينجح المؤتمر في تقرير المبالغ الماليَّة التي باتت الميزانيَّة العامَّة للوكالة بأمَسِّ الحاجة لها. فتمَّ التعهُّد بدفع مبلغ 812.3 مليون دولار منها 107.2 مليون دولار مساهمات جديدة، بَيْنَما أعلنت الوكالة عن حاجتها لـ1.3 مليار دولار إلى نهاية العام 2023، حتى تتمكَّن من تقديم خدماتها لأكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني مُسجَّل لدَيْها.
نعم، هناك دعم وتأييد معنوي للوكالة لكنَّه غير مترافق مع الدعم المالي، فيما على الدوَل المانحة تحمُّل مسؤوليَّاتها الماليَّة على نَفْس مستوى الاهتمام بالدعم المعنوي والسياسي للوكالة. فوكالة الأونروا شبكة أمان للفئات الأكثر ضعفًا من بَيْنَ لاجئي فلسطين، وتُعدُّ بالنسبة لهم «شريان حياة». خصوصًا وأنَّ الاحتياجات المتزايدة يقابلها ركود في التمويل، وعددًا من كبار المانحين وأكثرهم موثوقيَّة للأونروا أعلنوا مؤخرًا بأنَّهم قد يخفضون مساهماتهم، وهو أمْرٌ مقلق للغاية، فالوكالة تعمل بالفعل بعجز يقارب 75 مليون دولار.
إنَّ انعكاس تراجع تدفُّق أموال الدوَل المانحة للوكالة سيُفاقم من الأوضاع الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة الصَّعبة أصلًا، والتي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في 58 مخيمًا في مناطق عمليَّات الوكالة الخمسة (الضفَّة الغربيَّة والقدس+ قِطاع غزَّة+ سوريا+ لبنان+ الأردن)، لا سِيما على مستوى أكثر من نصف مليون طالب وطالبة يتلقون التعليم في أكثر من 716 مدرسة تابعة للوكالة، وأعمال البنى التحتيَّة في المخيمات، والخدمات الصحيَّة، ورواتب الموظفين التي ستواجه الوكالة مشكلة في سدادها مع بداية شهر أيلول/سبتمبر 2023.
هذا الوضع الصعب للوكالة دفع المتحدث باسم الأمين العام للأُمم المُتَّحدة أنطونيو جوتيريش للقول بأنَّ «الوكالة على وشك الانهيار المالي». داعيًا الدول المانحة لـ»تحمل مسؤوليَّاتها ودعم الأونروا للوفاء بالتزاماتها تجاه لاجئي فلسطين». فالملايين من لاجئي فلسطين يعتمدون على خدمات الوكالة في مناطق عمليَّاتها الخمس، وأشار الأمين العام للأُمم المُتَّحدة أنطونيو جوتيريش شخصيًّا في مؤتمر المانحين الأخير إلى أنَّ «الوكالة ومدارسها أنجبت قصصًا فرديَّة لا حصر لها عن الفرص والتي تمَّ إنشاؤها وكيف أسهمت الأونروا في تغيير حياة أشخاص، مِثل قصَّة لؤي البسيوني، الذي التحق بمدارس الأونروا وذهب للعمل مع فريق ناسا الذي صمَّم مركبة هبطت على سطح المريخ. أو قصَّة براء أبو عسكر، التي تلقَّت تعليمها في مدرسة الرمال الابتدائيَّة المختلطة التابعة للأونروا في غزَّة قَبل أن تنتقلَ إلى الخارج لإكمال دراسة الطِّب والتفوُّق في مجال علاج أمراض السرطان ومنها سرطان البنكرياس». أخيرًا، إنَّ وجود واستمرار عمل وكالة (أونروا) يُفترض أن يتواصلَ إلى حين انتفاء أسباب قيامها وفق قرار تأسيسها الأُممي الرقم 203 الصادر عام 1949 عن الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة، وهو القرار الذي ربطَ بَيْنَ استمرار عمل الوكالة وتقديم خدماتها الصحيَّة والتعليميَّة ولإغاثة الاجتماعيَّة للاجئي فلسطين إلى حين عودتهم إلى أرض وطنهم التاريخي الذي طروا وهجِّروا منه بعمليَّة ترانسفير فاشية قامت بها العصابات الصهيونيَّة بتواطؤ ودعم سُلطات الانتداب في حينها.


علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]