يتابع المتطرف المهووس إيتمار بن جفير رئيس حزب (القوَّة اليهوديَّة) وهو من أحزاب «الصهيونيَّة الدينيَّة» إعلان مواقفه المتطرِّفة، بطرحه ما يُسمَّى بـ»قانون القوميَّة» العنصريَّة بتغليب «قِيَم الصهيونيَّة»، على سياسة الحكومة «الإسرائيليَّة» في جميع المجالات.
ويدعي الاقتراح الذي تَقَدَّم به بن جفير، أنَّ «السياسة التي أقرَّها صنَّاع القرار في الحكومة وأذرعها، حتى اليوم، تأخذ بالحسبان اعتبارات مهنيَّة مختلفة. وتتجاهل هذه الاعتبارات أحيانًا قِيَم الصهيونيَّة الأساسيَّة. وهذه قِيَم جاءت لتعبِّر عن حقِّ الشَّعب اليهودي في تقرير المصير الذاتي في أرض إسرائيل، وبضمن ذلك بالاستيطان، الأمن، الثقافة والهجرة اليهوديَّة، مثلما اعترف بها في تصريح بلفور ووثيقة الاستقلال وتمَّ إرساؤها في قانون أساس: إسرائيل الدولة القوميَّة للشَّعب اليهودي»...! (لاحظوا العودة لتصريح آرثر بلفور).
وفي محاولاته لتدوير الزوايا، بعد الرفض الأوروبي من جميع دوَل الاتِّحاد، وحتى الرفض الأميركي لمقترح إيتمار بن جفير، فإنَّ بنيامين نتنياهو، وفي الاتِّفاق الائتلافي مع بن جفير، عدَّ أنَّ المقترح مُهمٌّ، لكن ينبغي المصادقة عليها أوَّلًا. كما أعلن بأنَّ ترسيخ الصهيونيَّة سيكُونُ بروح «قانون القوميَّة»، وهو القانون سيء الصِّيت الذي ينتقص من حقوق أبناء الوطن الأصليين من العرب الفلسطينيين في الداخل عام 1948.
ومن المعروف أن إيتمار بن جفير ومجموعة حزبه، ومنهم وزير النقب والجليل، يتسحاق فاسرلاوف، سيعملان على استخدام هذا القانون لصالح مخطَّط تهويد النقب والجليل، إلى جانب تنفيذ أعمال بناء لليهود وقَبول سكَّان يهود فقط في بلدات تُقام على أراضي النقب العربيَّة المُصادَرة. كما يريد تحقيق عدَّة أهداف، وأهمُّها أبعد من تشريع العنصريَّة باتِّجاه «هندسة العنصريَّة» بقانون يجري إقراره في الكنيست وبالتالي في سياسات وتوجُّهات الحكومة. أمَّا الحزبَيْنِ الحريديين في الائتلاف الحكومي (يهوديت هتوراه لليهود الغربيين+ شاش لليهود الشرقيين) فإنَّهما يعارضان المقترح بصيغته المطروحة لسببٍ بسيط، وهو أنَّه يمسُّ «الشبَّان الحريديين» بغالبيَّتهم، الذين لا يخدمون في الجيش.
إنَّ العنصريَّة متأصِّلة في كيان دولة الاحتلال «الإسرائيلي» ضدَّ أبناء شَعب فلسطين الذين بقوا في الداخل عام 1948، وفي عموم مناطق الاحتلال للعام 1967. كما أنَّ المُجتمع اليهودي الاستيطاني على أرض فلسطين عنصري بتكوينه وطبيعته، حتى بَيْنَ اليهود الشرقيين (السفارديم)، واليهود الغربيين (الإشكناز). حيث يُشكِّل اليهود الشرقيون منذ قيام الكيان الصهيوني البنية التحتيَّة المقاتلة للجيش وحتى للمهام والوظائف الأدنى، التي يحظى بالسلَّة الكبرى منها اليهود الغربيون. إنَّ نتنياهو، الذي يلعب بالأحزاب المؤتلفة معه ككرة في الملعب الحكومي، تارة بالرشوات والامتيازات، وتارة بالمواقع والمسؤوليَّات، وذلك لإبقاء حكومته، ومنعها من الانهيار والتفكك، بوجود معارضة موحَّدة ضدَّه، كما تُشير استطلاعات الرأي، وأقدم مؤخرًا على رشوة أحزاب «الصهيونيَّة الدينيَّة» بتعيين رئيس حزب «نوعام» من تكتُّل تلك الأحزاب الحاخام آفي ماعوز، رئيسًا لدائرة «سُلطة الهُوِيَّة القوميَّة اليهوديَّة» وبرنامجها العنصري المتطرف، مع ميزانيَّات مغرية، خاصَّة بتلك الدائرة.



علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]