حقَّقت الخطوات والخطط والبرامج الاقتصاديَّة التي اتَّخذتها سلطنة عُمان قُبَيل وأثناء وبعد الأزمات الاقتصاديَّة التي أصابت الاقتصاد العالميَّ، وعلى رأسها خطَّة التوازن الماليِّ متوسطة المدى (2020 ـ 2024)، والتي لاقت نجاحًا كبيرًا ومشهودًا من كبريات المؤسَّسات الاقتصاديَّة العالميَّة، واستطاعت تلك الخطط الناجعة الخروج بالاقتصاد الوطنيِّ نَحْوَ التعافي، وتجلَّت تلك النجاحات في المؤشِّرات والإحصائيَّات الاقتصاديَّة المتوالية، حيث وضعت الخطَّة في أولى أولويَّاتها التنوُّع الاقتصاديِّ والاستدامة الماليَّة، وكذلك القِطاع الخاصُّ وغيرها من الأهداف الطموحة، وقامت على مبدأ التحكُّم في الوضع الماليِّ الناجم عن الأزمة الماليَّة العالميَّة وإدارة المخاطر المرتبطة بها للخروج من حالة التراجع المستمرِّ للوضع الماليِّ وما يستتبعه من تراجع في التصنيف الائتمانيِّ للسَّلطنة، وحقَّقت خطوات وقفزات واسعة في هذا الصعيد.
وجاء ارتفاع الإيرادات العامَّة للدولة بنسبة 4 بالمائة حتى نهاية أبريل 2023م، مُسجِّلةً نَحْوَ أربعة مليارات و392 مليون ريال عُماني، مقارنة بأربعة مليارات و217 مليون ريال عُماني في الفترة نَفْسها من عام 2022م، ما يؤكِّد أنَّ الاقتصاد الوطنيَّ لا يزال يسير في الاتِّجاه الصحيح المرسوم له، رغم الإرهاصات الاقتصاديَّة التي لا تزال تُلقي بتوابعها على الاقتصاد العالميِّ، حيث تعتمد الخطط الحكوميَّة في الأساس على الموازنة بَيْنَ الإنفاق والدخل بشكلٍ يسمح بتوجيه الفوائض نَحْوَ سداد الدَّيْن العامِّ، مع محاولة الحفاظ على المستوى المعيشي الجيِّد، والتي تُعدُّ أهمَّ مكتسبات النهضة العُمانيَّة المُتجدِّدة، بالإضافة إلى زيادة المصروفات الإنمائيَّة بشكلٍ يجلب الاستثمارات ويُفعِّل دَوْرَ القِطاع الخاصِّ.
وتأتي تلك الزيادة في الإيرادات العامَّة للدولة مدعومةً بشكلٍ رئيس بارتفاع صافي إيرادات النفط والإيرادات الجارية بنسب 53 بالمائة و27 بالمائة من إجماليِّ الإيرادات العامَّة على التوالي، حيث أشارت نشرة الأداء الماليِّ الصادرة عن وزارة الماليَّة إلى ارتفاع صافي إيرادات النفط حتى نهاية أبريل الماضي بنسبة 12 بالمائة ليبلغ نَحْوَ مليارَيْنِ و308 ملايين ريال عُماني، مقارنة بتحصيل مليارَيْنِ و59 مليون ريال عُماني حتى نهاية أبريل 2022م، ويأتي ذلك مدفوعًا بارتفاع متوسط سعر النفط المُحقَّق ليصل إلى 84 دولارًا أميركيًّا للبرميل، بالإضافة إلى ارتفاع متوسط الإنتاج إلى نَحْوِ مليون و64 ألف برميل يوميًّا.
ولعلَّ هذه الطفرة في القِطاع النفطيِّ كانت أحد الأسباب المُهمَّة التي أدَّت إلى ارتفاع الإيرادات الجارية المُحصَّلة حتى نهاية أبريل 2023م بنسبة 8 بالمائة لتصل إلى مليار و172 مليون ريال عُماني، مقارنة بمليار و81 مليون ريال عُماني في الفترة ذاتها من عام 2022م، بالإضافة إلى تسجيل الميزانيَّة العامَّة للدولة بنهاية أبريل 2023م فائضًا ماليًّا بلغ نَحْوَ 520 مليون ريال عُماني، مقارنة بتسجيل فائض بلغ 468 مليون ريال عُماني في الفترة ذاتها من عام 2022م، ما يؤكِّد أنَّ الاقتصاد الوطنيَّ يسير في الاتِّجاه الصحيح. لذا أكَّدت وزارة الماليَّة أنَّ الحكومة ستستمرُّ في توجيه الإيرادات الماليَّة الإضافيَّة لإدارة المحفظة الإقراضيَّة وخفض الدَّيْن العامِّ، وتعزيز الإنفاق الاجتماعيِّ، وتحفيز النُّمو الاقتصاديِّ.