ينظر الكثيرون إلى الأخبار الخاصَّة بـ»شريحة» إيلون ماسك باعتبارها أحد سيناريوهات الخيال العلمي، التي دأب الناس على متابعتها منذ سنوات عديدة، تلك الأفلام التي دخلت بعض قصصها الواقع اليومي رغم أنَّ مشاهدتها اقتصرت على الخيال بمعنى استحالة تحقيق ما جاء في تفاصيلها، لكن ما يخرج هذه الشريحة من دوائر الخيال العلمي إلى حيِّز الواقع ما قرَّرته إدارة الدواء والغذاء الأميركيَّة مؤخرًا بالموافقة على تجريب هذه الشريحة، وهذا القرار ليس اعتباطيًّا. كما أنَّ هذه الموافقة تعني خضوع الشريحة بجميع تفاصيلها الدقيقة لاختبارات في غاية الدقَّة وعلى مستويات عالية من التعقيد.
هذه الموافقة تعني أنَّ التجريب على الحيوانات قَدِ انتهى وتكلَّلت تلك التجارب بالنجاح، حيث تمَّ إعطاء الضوء الأخضر للبدء بالتجريب على الإنسان. ويعني ذلك أنَّ هذه الشريحة قَدْ دخلت الحيِّز الأهمَّ وأنَّها أصبحت على بوَّابة التطبيق على نطاق قَدْ يبدأ محدودًا ثم ما يلبث أن ينتشرَ على نطاق أوسع. ولأنَّ الشريحة المبتكرة ـ كما أعلن عنها ـ تعالج أمراضًا مستعصية مِثل الشلل وغيره من الأمراض، فإنَّ ذلك يعني، أنَّ الإقبال على هذه الشريحة سيكُونُ كبيرًا جدًّا وبفترة قياسيَّة. وبِدُونِ شك فإنَّ العالَم أجمع يتابع أخبار الشريحة ليس من قِبل المعنيين بها فقط نظرًا لحاجتهم الماسَّة لعلاج مرضاهم وبالسرعة الممكنة، وبقدر ما تعيش هذه الشرائح من توجُّس شديد فإنها دخلت مرحلة الترقب وتتبع تطوُّر الأحداث، ولأنَّ الحدث يقف في مقدِّمة منجزات هذا القرن ـ على الأقل لحدِّ الآن ـ فإن انتشار أخباره وتطوُّراته أصبحت في مقدِّمة اهتمامات الغالبيَّة العظمى من وسائل الإعلام العالميَّة والمواقع الخبريَّة وصفحات «السوشيال ميديا»، وعند حصول أيِّ تطوُّر وظهور نتائج إيجابيَّة للتجارب التي سيتمُّ إجراؤها على البعض، فإنَّ الجميع لا ينتظرون أخبارًا مجرَّدة، بل يترقبون النتائج من الواقع الذي حصل فيه هذا المنجز، بمعنى سيظهر في وسائل الإعلام المختلفة بعض الذين حصلوا على العلاج ويلمس الناس تلك النتائج. مثلًا، سيتحرك الشخص الذي كان مصابًا بالشلل وفي الوقت نفسه يتمُّ عرض لقطات له قَبل إجراء زرع الشريحة وما أحدثته في حياته من انتقالة هائلة، عند ذاك ستحصل تطوُّرات هائلة، ويشمل ذلك افتتاح مراكز في مُدُن عديدة وفي دوَل خارج الولايات المُتَّحدة لزرع الشريحة ثم تبدأ مرحلة العلاجات الدقيقة. وبعد نجاح الشريحة سيحصل أمران رئيسان، أولهما، التطوير على أداء الشريحة والتوسُّع في علاج أمراض أخرى، وهذا الجانب يجري العمل عليه بالاعتماد على الذَّكاء الاصطناعي الذي يشهد قفزات يوميَّة متسارعة. وثانيهما، ستغلق عيادات ومراكز ومستشفيات أبوابها، خصوصًا تلك المتخصِّصة بالعلاج الطبيعي للشلل والأمراض التي تعالجها شريحة ماسك.
ثورة يجري العمل على إطلاقها تتضح ملامح بدايتها وقد لا يعرف الكثيرون تشعُّباتها وآمادها الكثيرة.




وليد الزبيدي
كاتب عراقي
[email protected]