[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
يعيش العراق على واقع أزمات خطيرة وهو يقترب من موعد الاستحقاق الانتخابي نهاية شهر نيسان ـ أبريل القادم، ما يضع الطبقة السياسية أمام خيارات قد لا تستطيع مواجهة تأثيراتها على مجمل الأوضاع السياسية.
فأزمات العراق منذ أن جدد لنوري المالكي ولايته الثانية عام 2010 تتوالى فصولا وتلد أزمات تراكمت ووصلت إلى طريق مسدود بعد أن واجه اعتصامات سلمية بقوة السلاح، رافضا الانفتاح على حركة الاحتجاجات الشعبية في ست محافظات، ناهيك عن احتجاجات في مدن الجنوب العراقي.
فبدلا من التعاطي السلمي مع مطالب المحتجين فضل المالكي استخدام القوة في فض اعتصام الأنبار وهو أهم الاعتصامات، الأمر الذي أدى إلى اصطفاف سياسي وعشائري في أكبر محافظات العراق مساحة وأشرسها مقاومة وانفتاحها على ثلاث دول عربية هي سوريا والأردن والسعودية..
ورافق هذا الاصطفاف انسحاب نحو 50 نائبا من البرلمان احتجاجا على استخدام القوة ضد الاعتصامات الشعبية.
وحتى نقرب صورة الأوضاع في الأنبار فإن السلطات العراقية اعتبرت أن محافظة الأنبار وتحديدا مدينة الفلوجة قد وقعت في أيادي المسلحين وأصبحت خارج سيطرة الدولة العراقية.
وعلى الرغم من أن قادة الحراك الشعبي في الأنبار ينفون هذا الاتهام ويؤكدون أنه محاولة لترجيح الخيار العسكري لحل الأزمة فإن وسائل الإعلام الرسمية تروج لهذه الاتهامات لتعبئة الشارع العراقي.
وإزاء المعطيات الجديدة على الأرض فإن الوقائع تشير إلى أن المالكي أمام ثلاثة خيارات بالتعاطي مع أزمة الأنبار وتحديدا كيفية التعامل مع الواقع الجديد في مدينة الفلوجة.
فالخيار الأول وهو العسكري تراجعت حظوظه لأن تكلفته البشرية باهظة وغير مضمونة النتائج، فضلا عن تسببه في تأجيج الصراع الطائفي.
أما الخيار الثاني فهو استمرار محاصرة الفلوجة والمدن الخارجة عن سيطرة القوات العراقية في الأنبار لفترة غير محدودة في محاولة لإفراغها من سكانها لتسهيل اجتياحها.
ويبدو الخيار الثالث وهو الأقل تكلفة من الخيارين الأول والثاني ويجنب جميع الأطراف الخسائر المتوقعة، وهو البحث عن مخرج سياسي بمشاركة عشائر الأنبار في التسوية السياسية.
والخيار الثالث طبقا للتردد الحكومي في اقتحام الفلوجة بات يحظى بموافقة أطراف شيعية مثل التيار الصدري والمجلس الأعلى، إضافة إلى ممثلي العرب السنة في البرلمان والحكومة وما يعطي الأفضلية لهذا الخيار موافقة الإدارة الأميركية على هذا المسار السياسي لحل أزمة الأنبار كما ألمح السفير الأميركي في العراق في معرض حديثه عن الأوضاع في الأنبار.
وإذا افترضنا أن الاتجاه السائد هو البحث عن تسوية سياسية لأزمة الأنبار فإن مواقف رئيس الحكومة نوري المالكي طبقا لتصريحاته النارية تسير عكس اتجاه الخيار الثالث، فهو يشعر أنه محاصر بأزمات داخلية لها امتدادات خارجية ومرهونة بخواتيمها، ونقصد الأزمة السورية والملف النووي الإيراني، وبات قلقا على سعيه لولاية ثالثة على الرغم من اتساع دائرة المعارضين لاستمراره رئيسا للوزراء لأربع سنوات مقبلة.
وتحت وقع هذه الأحداث والمخاوف قد يقدم المالكي على تأجيل الانتخابات في محافظتي الأنبار ونينوى متعللا بتردي الأوضاع الأمنية، وهذا الخيار سينتج عنه فراغ دستوري لأن تأجيل الانتخابات في أي محافظة ستنسحب على جميع المحافظات.
وبهذا الخيار يضمن المالكي انتهاء مدة البرلمان ودوره الرقابي والتشريعي دون محددات على قراراته المستقبلية.
ويبقى السؤال: هل تسعف الظروف الداخلية وامتداداتها الخارجية المالكي للسير في طريق بات محفوفا بالمخاطر قد يبعده عن المشهد السياسي لشدة تعقيداته؟