يبدو أن بريطانيا التي تهيمن السحب الغائمة على أجوائها معظم أوقات العام ستأتي في صدارة الدول الأوروبية في بناء مزارع الطاقة الشمسية. فمع رخص تكاليف المعدات والدعم المستمر يتزايد أعداد مطوري مشاريع الطاقة المتجددة على نطاق واسع في دول مثل ألمانيا و إسبانيا الرائدتين في مجال الطاقة الشمسية في القارة. وبريطانيا في طريقها لبناء محطات كبيرة ـ 2 ميجاوات أو أكبر – تغطي مساحة نحو 16 ميلا مربعا ، أي ما يكفي لتغطية معظم وسط لندن ـ متفوقة بذلك على أي بلد أوروبي آخر ، لتضيف أكثر من ألفي ميجاواط من الطاقة هذا العام وفقا لبرايس ووترهاوس كوبرز لاستراتيجية الطاقة المتجددة.
وفي الوقت الذي قلصت فيه الكثير من دول القارة المساعدات الشمسية لصالح النمو الاقتصادي على حساب السياسات الخضراء ، فقد تعهدت بريطانيا بتقديم الدعم حتى عام 2020 بدون حدود لحجم المشاريع . ونجح المستثمرون في جمع 750 مليون جنيه استرليني (1.2 مليار دولار) العام الماضي لمشاريع ميجاوات وفقا لبيانات جمعتها بلومبيرج.
يقول دانيال جوتمان رئيس برايس ووترهاوس كوبرز أن طفرة انتاج الطاقة الشمسية على نطاق واسع قد بدأت متأخرة في بريطانيا مقارنة بمعظم دول أوروبا ، لذلك كانت قادرة على التعلم من الآخرين وتطوير مشاريع بتكلفة أقل بكثير عن مشاريع سابقة في دول أخرى. وهذا المستوى الصحيح من الدعم ، جنبا إلى جنب مع استقرار السياسة يقود عجلة النمو السريع .
ومن المتوقع استخدام المنشآت الجديدة لتوليد الكهرباء لحوالي 60 ألف منزل متوسط. وبيد أن هذا النمو يعتمد على إبقاء الحكومة التي يقودها حزب المحافظين في بريطانيا على إعانات الطاقة الشمسية وسط عاصفة سياسية بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة.
وتجذب بريطانيا مستثمرين ومطورين من أنحاء أوروبا ومن بينها اس جي بي اس البرتغالية وانفراستركشر فند الهولندية. ويرى جيمس أرمسترونج أحد الشركاء في مشروع بلوفيلد الذي جمع 130 مليون جنيه في شهر يوليو أن بريطانيا سوف تجذب سوقا للطاقة الشمسية بمليارات الجنيهات على مدى السنوات القليلة المقبلة. وفي تصريح له قال وزير الطاقة البريطاني جريج باركر أنه على الرغم من أن بلاده من أكثر الدول غيوما في المنطقة ، إلا أنها ستكون قادرة على انتاج ما يناهز 20 جيجاوات من الطاقة الشمسية بحلول عام 2020 ارتفاعا من حوالي 3 جيجاوات الآن ، ما يعني التفوق على الانتاج الحالي لايطاليا ( 16.5 جيجاوات) وأسبانيا (4,7 جيجاوات) فيما تسير على خطى ألمانيا أكبر منتج للطاقة االشمسية في أوروبا (35,4 جيجاوات ). وقال باركر أن المملكة المتحدة هي السوق الأكثر نموا في الطاقة الشمسية في أوروبا.
وفي الشهر الماضي وضعت الحكومة نظاما جديدا لأسعار مضمونة للطاقة لدعم الطاقة المتجددة حتى عام 2019 ، فيما سيتم في الوقت نفسه خفض الدعم على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية بعد تشديد قواعد التخطيط في وقت سابق استجابة لشكاوى ارتفاع كلفة تلك التقنيات.
كما يسهم انخفاض سعر ألواح الطاقة الشمسية في تعزيز وعود الإعانات على المدى الطويل حيث انخفضت إلى النصف منذ عام 2011 .
وتوقع فرانز فان هويفل الرئيس التنفيذي لسولار سنتشري هولدينجز استكمال مشروعات بـ 1,400 ميجاوات العام المقبل ، أكثر من أي مكان في أوروبا. فيما قال جوتمان من برايس ووترهاوس كوبرز أن بريطانيا ستضيف مشاريع بـ 1,500 الى 2,000 ميجاوات في عام 2014 . وقال انه يستند في تقديره له على 1,500 ميجاوات تمت الموافقة عليها بالفعل و 1,500 ميجاوات أخرى تنتظر الموافقة .
وفي الوقت نفسه فإن انتاج الطاقة الشمسية في أوروبا آخذ في الانخفاض . فقد توقفت اسبانيا عن تقديم إعانات للمزارع الشمسية الجديدة في عام 2012، فيما توقفت إيطاليا عن تقديم تلك الإعانات في يوليو. كما خفضت ألمانيا التعريفة وبدأت في الحد من حجم المشاريع في ظل تحول أوسع في سياسة الطاقة . وتوقف النمو السريع للطاقة الشمسية في اليونان ورومانيا وبلغاريا في العام الماضي بسبب خفض الدعم و تغييرات في السياسة .
وتبقى فرنسا وحدها في القارة التي لا يزال لديها سوق كبير للمزارع الشمسية ، فيما يظل النمو محدود بسبب المزادات الحكومية التي تمنح المشاريع إلى مطورين ممن يبدون استعداد لبيع الكهرباء بأقل الأسعار .
وترى جيني تشيس المتخصصة في شئون الطاقة الشمسية في بلومبرج نيو انيرجي فاينانس أن المملكة المتحدة هي آخر سوق في أوروبا ما يزال يقدم إعانات جذابة لمحطات الطاقة الشمسية على نطاق واسع وأن أمامها طريق طويل لتقطعه لتحقيق أهدافها في انتاج الطاقة الشمسية ، ولذا فإننا نتوقع أن تكون سوقا مستدامة بصورة معقولة.
- خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج" خاص بـ"الوطن"