قراءة في ندوة :"فقه رؤية العالم والعيش فيه ـ المذاهب الفقهية والتجارب المعاصرة

ـ تحقيق العدالة في الانتفاع بالموارد تحتاج إلى قوانين وعقود بين الدول ولا تتحقق إلا بالتعايش السلمي

ـ خطاب النبي بالدعوة إلى رحمة الناس والحيوان، يمكن الاستفادة منه عن جواز التواصل بين المسلمين وغيرهم

ـ كثير ما تعطي تصرفات بعض الأشخاص صورة نمطية سيئة عن الإسلام، مما يؤدي إلى تشويه عقائده وصورة نبيه ومقاصده

ـ أي أمة مطالبة شرعاً بتبليغ رسالة الإسلام السمحة وفق منهج الدعوة الحسنة وتحكيم العقل الذي غيبه الكثير من المسلمين في حياتهم

قراءة ـ علي بن صالح السليمي:
بمباركة سامية من لدن حضرة صاحب الجــلالة السلطان قـابـوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أقيمت خلال الفترة من 25 إلى 28 جمادى الأولى 1434هـ الموافق 6 إلى 9 ابريل 2013م ندوة تطور العلوم الفقهية والتي جاءت بعنوان:"فقه رؤية العالم والعيش فيه ـ المذاهب الفقهية والتجارب المعاصرة" وهي النسخة الثانية عشرة من الندوات التي تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في هذا الجانب المهم .. حيث شارك في الندوة علماء ومفكرون وباحثون من داخل السلطنة وخارجها .. وتناولت أوراق عمل وبحوثاً هامة.
وضمن تلك البحوث والأوراق المقدمة .. ورقة عمل بعنوان:"أصول علاقة المسلمين بغيرهم (مفهومها، دليلها، ومقاصدها)" للباحث الأستاذ الدكتور عبدالقادر بن عزوز.
يواصل الباحث حديثه في هذا المبحث قائلاً: وإن في تذكير المجتمع القرشي بنعمتي الأمن على النفس والطعام تنبيه للمجتمع الإنساني كله للعمل على توفير الحاجات الطبيعية لأفراده عملا بعمومات نصوص الشريعة نحو قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ)(الزخرف ـ 38)، فتقسيم "المعيشة" أو بعبارة أخرى الموارد والمنافع الطبيعية من طعام وشراب ودواء وعلاج وإغاثة عند الكوارث وحماية الاعتداء عليها إلى غير ذلك من المصالح التي تحفظ استمرارها، يقول الطاهر بن عاشور في معنى" تقسيم المعيشة": "فيجوز أن يكون المعنى: ليتعمل بعضهم بعضا في شؤون حياتهم فإن الإنسان مدني، أي محتاج إلى إعانة بعضه بعضا".
وقال: ويؤيد الأمر بالعدالة في توزيع منافع الموارد الطبيعية المشتركة بين أفراد المجتمع الإنساني وعدم منعها وترتيبها حسب أولوياتها بالنسبة للإنسان من ضروري وحاجي وتحسيني ما جاء في الأثر عن أبي خِدَاشٍ قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ ،فَنَزَلَ النَّاسُ مَنْزِلا ؛فَقَطَعُوا الطَّرِيقَ وَمَدُّوا الْحِبَالَ عَلَى الْكَلإِ، فَلَمَّا رَأَى مَا صَنَعُوا قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ لَقَدْ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) غَزَوَاتٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلأِ وَالنَّارِ" والتي فسرها الفقهاء بمنافع مياه البحار والأنهار الكبرى والأودية العابرة للبلدان، فإن لأفراد المجتمع الإنساني حق الشرب، وسقي الدواب، والأشجار.
موضحاً بأن تحقيق هذه العدالة في الانتفاع من هذه الموارد تحتاج إلى قوانين وعقود بين الدول التي تشترك في منافعها والتي لا تتحقق إلا بالتعايش السلمي والذي بدايته إنشاء العلاقات بينها، كما إن تحقيق هذه المصالح يحتاج إلى جملة من الوسائل يجب أن تتضافر الجهود الإنسانية لتحقيقها والتي أساسها العلاقات الإنسانية، تبتدئ بالمحافظة على البيئة التي نعيش فيها ممثلة في الأرض التي نعيش على ظهرها، والعمل على مواردها المختلفة وترشيد استغلالها من أشجار ومياه عملاً بقوله تعالى:(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(الأعراف ـ 56)، ثم تأتي مصلحة إقامة العدل في توزيعها عند التخاصم عليها عملاً بقوله تعالى:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(النحل ـ 90)، لأننا لا يمكننا أن نتصور إقامة العدل والدعوة إليه في مجتمعنا وفي المجتمعات الإنسانية كما جاء في الآية الكريمة، ونحن لا نمتلك المعلومات عن الآخرين ولا نخالطهم ولا نهتم بمشاكلهم ولا نقيم علاقات معهم؟ وكذا العمل على تجريم الاعتداء عليها بالقتل دون مبرر شرعي، أو بمنع الطعام عنها أو عدم إنقاذها من الهلاك وهذا عملا بقوله تعالى:(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)(المائدة 32)، وكذا بعموم دعوة الشريعة إلى الرفق والرحمة والمحافظة على الحياة للكائنات للإنسانية جميعا، نحو ما جاء عن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنه) قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم):(الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ..)، قال ابن بطال (رحمه الله):"فيه الحض على استعمال الرحمة لجميع الخلق فيدخل المؤمن والكافر والبهائم المملوك منها وغير المملوك ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام والسقي والتخفيف في الحمل وترك التعدي بالضرب"، ويعضده ما جاء عنه (صلى الله عليه وسلم) جواباً عن حكم الإحسان للحيوانات بقولهم:(... قَالُوا: يَارَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ).
وقال الباحث: إن خطاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالدعوة إلى رحمة الناس والحيوان،يمكن الاستفادة منه عن جواز التواصل بين المسلمين وغيرهم من المجتمعات الإنسانية من خلال تكوين الجمعيات الخيرية والبيئية وغير ذلك من الجمعيات، والتي تكون وسيلة لمصلحة إنشاء العلاقات بين المجتمعات الإنسانية.
وما تجويز الكثير من فقهاء الشريعة الوقف على الآخر ـ غير الحربي ـ سواء بتقييده بكونه من المساكين من الأقارب أو بإطلاق أو قبول وقفه في غير دور العبادة إلا مظهرا من مظاهر مراعاتهم لمصلحة تحقيق الكرامة الإنسانية والتي لا تتأت إلا بالتعرف عليهم وربط العلاقات بهم، وتحقيق مصلحة أخلاقة منظومة شبكة العلاقات الإنسانية: من مقاصد الرسالات السماوية عموما والرسالة الخاتمة خصوصا العمل على أخلاقة الحياة الاجتماعية الإنسانية في كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
مؤكداً بقوله: إن الناظر في واقع حياة المجتمع الإنساني يرى مجموعة من القيم المعيارية المشتركة، تجعل الفرد على اختلاف مكان تواجده وانتمائه يسترشد بها للتفرقة بين الحق والباطل والتي تعبر عن فطرته وسلامة عقله، وإننا لنجد الكثير من أفراد المجتمع الإنساني يؤمن بها ويدافع عنها ويجعلها مرجعية له، يبذل كل ما في وسعه للمحافظة عليها، والتي تتمثل في وجدان وعقل الإنسان كالحق والخير والعدل والجمال، وتعد هذه القيم: مجموعة الأفعال التي تصدر عن الإنسان كفرد أو جماعة لسد حاجة من الحاجات الإنسانية الضرورية أو الكمالية، وإن لنا في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة في تزكيته وثنائه على حلف الفضول والذي كان من فعل (الآخر) المشرك، وقبله وثمنه لموافقته للفطرة الإنسانية فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(شَهدتُ من حِلفِ قُريش إلا حِلفَ المُطَيبِين ومَا أُحِبُ أَن لِي حُمُرُ النَعَمِ، وإِني كُنتُ نَقضْتُهُ).
وقال: وما أكثر القواسم الأخلاقية المشتركة بين الإنسانية والتي يمكن أن نسهم فيها من خلال إنشاء علاقات بيننا وبين الآخرين والتي تعد من فضائل الأعمال: كمنع الإجهاض بغير حق المنافي لمقاصد حفظ النفس عملا بقوله تعالى:(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(الأنعام ـ 151)، ورفض زواج المثليين المنافي لمقاصد الزواج في ديننا وعملا بقوله تعالى:(وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(الروم ـ 21)، والحد من أسلحة الدمار الشامل المهلكة للزرع والنسل عملا بظاهر قوله تعالى:( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)(البقرة ـ 205)، والمحافظة على منظومة القيم في التجارات والمبادلات المالية عملا بظاهر قوله تعالى:(وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(البقرة ـ 188)، والدعوة إلى إقامة العدل ونصرة المظلوم سواء أكان من المسلمين أم من غيرهم عملا بظاهر قوله تعالى:(إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا)(النساء ـ 105)، وإلى غير ذلك من القيم الإنسانية العالية والتي جمعها النبي (صلى الله عليه وسلم) قوله:(إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ)، وإن تحقيق جملة هذه المقاصد الأخلاقية العالية وغيرها لا يتأتى إلا بوجود علاقات بيننا وبينهم نتقاسم فيها هذه القيم وندعو إلى حفظها ونشرها بين أفراد المجتمع الإنساني.
وحول تحقيق مصلحة تحسين صورة الإسلام عند الآخر اوضح الباحث بأن كثيرا ما تعطي تصرفات بعض الأشخاص صورة نمطية سيئة عن الإسلام، مما يؤدي إلى تشويه عقائده وصورة نبيه ومقاصده وتشريعاته والذي يؤدي إلى مفسدة كثرة الأعداء للمسلمين في العالم الإسلامي ولأولئك المقيمين في الغرب بالتضييق وتحريك العنصرية ضدهم ..، وما النهي عن سبل آلهة الكفار التي جاء ذكرها في القرآن الكريم إلا بسبب ما تؤديه من مفسدة الاعتداء بسب الله تعالى:(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(الأنعام ـ 108)، يقول القرطبي تعليقا على الآية:"في هذه الآية أيضا ضرب من الموادعة، ودليل على وجوب الحكم بسد الذرائع؛ وفيها دليل على أن المحق قد يكف عن حق له إذا أدى إلى ضرر يكون في الدين".
مشيرا إلى أن الإسلام أقام أصول دعوته على: ـ النظر في آيات الكون الآفاقية عملاً بقوله تعالى:(سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(فصلت ـ 53)، ومقارعة الحجة بالحجة عملاً بقوله تعالى:(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)(سبأ ـ 24)، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة عملاً بقوله تعالى:(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(النحل ـ 125)، وعدم الإكراه في الدين عملاً بقوله تعالى:(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم)(البقرة ـ 256) .. إلى غير ذلك من الأصول الدعوية لتعريف الآخر بديننا وبمقاصده. وإن تحقيق هذه الأصول الدعوية للتعريف بالمرسل والرسول والرسالة يستدعي مخاطبة الآخر وموادعته ولا يتحقق ذلك إلا بوجود علاقات بيننا وبينهم.
* الخاتمة
وفي ختام هذا البحث قال الاستاذ الدكتور عبد القادر بن عزوز: إن الناظر في أصول الشريعة في علاقتها مع الآخر يجدها تقوم على مبادئ السلم والحق والواجب، وأنها ترتب بحسب ما تخدمه من مقاصد، فتارة تكون واجبة، وأخرى ممنوعة، ومباحة تارة أخرى، وإن تحقيقها يمر على التعرف على الآخر والذي يقتضي البحث في دينه وعاداته، وطرق معيشته، ونظرته للكون والحياة حتى نتمكن من معايشته سلميا ووفق أصول التعامل الإنساني الذي يقرره الإسلام، من تحقيق العدل في القضاء وفي القضايا الإنسانية العادلة، وتوفير الأمن الغذائي للمجتمع الإنساني، ودون أن يهمل المسلمون أنهم أمة دعوة، أي أمة مطالبة شرعا بتبليغ رسالة الإسلام السمحة وفق منهج الدعوة الحسنة والرفق في الدعوة وتحكيم العقل الذي غيبه الكثير من المسلمين في حياتهم، وإن توفير هذه المبادئ بين المسلمين والغرب يكفل للطرفين علاقات تكفل التعايش السلمي العادل بينهما.