الأحد 1 أكتوبر 2023 م - ١٥ ربيع الأول ١٤٤٥ هـ
الرئيسية / آراء / رأي الوطن : دبلوماسية نشطة مقدرة هدفها إنساني أولا

رأي الوطن : دبلوماسية نشطة مقدرة هدفها إنساني أولا

مرَّة تلو الأخرى تؤكِّد سلطنة عُمان على قدرة دبلوماسيَّتها المتفرِّدة والمُقدَّرة في التصدِّي لأصعب الأزمات العالقة بَيْنَ الدوَل، لِتكُونَ مسقط بوَّابة الحلحلة للعديد من القضايا الإقليميَّة والعالَميَّة، منطلِقةً من ثوابت راسخة قائمة على ضرورة التعايش السِّلمي واحترام السِّيادة الوطنيَّة للدوَل، وعدم التدخُّل في الشؤون الداخليَّة، والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، والبُعد عن اتِّخاذ أيِّ قرارات انفعاليَّة متشنِّجة، والبدء بخطوات قَدْ تكُونُ صغيرة في البداية، لكنَّها تسعى إلى إزالة التوتُّرات وبناء جسور من الثِّقة. فالدبلوماسيَّة العُمانيَّة كانت وما زالت صوت العقل، صوت الإنسان، صوت التنمية، صوت الحكمة، صوت التسامح والسَّلام، صوت التعايش، الذي يؤمن بأنَّ الهدوء والاستقرار والتعايش السِّلميَّ هو بوَّابة السَّلام التي يتحقَّق عَبْرَها التقَدُّم التنمويُّ المنشود، الذي يُلبِّي تطلُّعات وطموحات الدوَل والشعوب.
وحرص حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ منذ تَولِّيه مقاليد الحُكم على التمسُّك بتلك الثوابت الدبلوماسيَّة، واستطاعت توجيهات عاهل البلاد المُفدَّى السَّديدة إحداث اختراقات كبيرة في العديد من الملفَّات المستعصية في فترة وجيزة، خصوصًا في ملف العلاقات الإيرانيَّة الخليجيَّة، التي كانت انطلاقةً لعودة الهدوء في ملفَّات وأزمات عدَّة على رأسها الأزمة اليمنيَّة والسوريَّة، والاتِّفاق النَّوويُّ بَيْنَ إيران والغرب، حيث تتَّبع الدبلوماسيَّة العُمانيَّة ـ في سبيل تحقيق ذلك ـ سياسة ذات نَفَسٍ طويل تحرص على قراءة التفصيلات الصغيرة التي تُمهِّد لحلول تُحقِّق مصلحة الشعوب وتحقن الدماء، وتسعى إلى إيقاف الخسائر، تمهيدًا لحلٍّ نهائيٍّ يُحقِّق الأمن والسَّلام بشكلٍ يفتح آفاق التعاون البنَّاء.
ويأتي الدَّوْر الذي أدَّته سلطنة عُمان للوصول إلى اتِّفاق صفقة تبادل المتحفَّظ عَلَيْهم بَيْنَ الولايات المُتَّحدة وإيران تأكيدًا على قدرة الدبلوماسيَّة العُمانيَّة على فتح الأبواب المغلقة وعلى ما تحظى به من تقدير دوليٍّ، لِتكُونَ مسقط هي بوَّابة العبور التي يثق فيها الفرقاء في المنطقة والعالَم، حيث أثمرت الجهود العُمانيَّة الدبلوماسيَّة عن الإفراج عن خمسة مواطنين أميركيِّين كانوا محتجزين من قِبل السُّلطات الإيرانيَّة، ووصولهم إلى دَولة قطر مقابل الإفراج عن أموال إيرانية تُقَدَّر بـ(6) ستَّة مليارات دولار أميركي وتحويلها لبنوك في قطر، لِتكُونَ تلك الخطوة الصغيرة انفراجة مُهمَّة تُحقِّق الأجواء الإيجابيَّة المنشودة، فهي خطوة تُعيد الثقة المتبادلة وتؤكِّد قدرة الأطراف على الالتزام بالتعهُّدات، لِتفتحَ الطريق نَحْوَ إحياء الاتِّفاق النوويِّ الإيرانيِّ.
ولعلَّ حرص الرئيس الأميركي جو بايدن على توجيه شكره الخاصِّ لجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ أعزَّه الله ـ على الجهود المشتركة في تسهيل التوصُّل إلى اتِّفاق، يؤكِّد الثِّقة الكبيرة التي تكنُّها القيادة الأميركيَّة للقيادة العُمانيَّة ودبلوماسيَّتها الفاعلة، في تحقيق الأمن والسَّلام والاستقرار الذي ينشده العالَم، وسط هذا الكمِّ الكبير من التحدِّيات والأزمات المتتالية، التي تحتاج من الجميع تضافر الجهود والنَّأيَ عن الصراعات التي لا طائل من ورائها، والتي باتت تؤثِّر سلبًا على كافَّة دوَل العالَم.

إلى الأعلى
Copy link
Powered by Social Snap