الأربعاء 29 نوفمبر 2023 م - ١٥ جمادى الأولى١٤٤٥ هـ
الرئيسية / الدين الحياة / الارتقاء بالأخلاق والسلوك فى ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية «1»

الارتقاء بالأخلاق والسلوك فى ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية «1»

لما كان موضوع علم الأخلاق هو أحكام قِيَمِيَّة تتعلق بالأعمال التي توصَف بالحسن، والقبح، وبيان ما ينبغي أن تكون عليه معاملة الناس بعضِهم بعضًا فسوف تكون ـ بعون الله ومشيئته ـ هذه السلسلة من المقالات تدور حول الارتقاء بالأخلاق، والسلوك، بما يتوافق مع المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، نبيِّن فيها للقارئ الكريم المبادئ العامة، والمشكلات التي تواجه مكوِّنات المجتمع من الرجال، والنساء، والشباب، والأطفال، وتقدِّم العلاج لهذه المشكلات؛ حتى تعم الفائدة فى ضوء، وضوابط، ومقاصد الشريعة الإسلامية، ولما كان الفقه الإسلامي هو العلم بالأحكام العملية المستمدة من الأدلة التفصيلية، فإننا سنبيِّن كيف نستفيد من أبواب الفقه الإسلامي فى العبادات، والمعاملات، وأحكام الأسرة، وكافة مباحثه لبيان الجانب الخلقي؛ حتى تعمَّ الفائدة ـ إن شاء الله ـ فالفقه الإسلامي يبيِّن لنا علاقةَ المسلم بالخالق، وعلاقته بالخلائق، والله من وراء القصد، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.
إن الخُلُق هو الدين والطبع والسجية والمروءة، وهو هيئة الروح، وحال النفس، فالأخلاق هي مجموعة من المبادئ، والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني، تلك التى تنظم حياة الإنسان، وتحدد علاقته بغيره، وما يحيط به، فموضوع الأخلاق هو كلُّ ما يتصل بعمل المسلم، ونشاطه، وكل ما يتعلق بعلاقته بربه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته مع الناس.
كما إنّالنهضة الحقيقية للأمم، وأساس بقائهاإنما يقاس بمدى سموِّ الشعوب أخلاقيًّا، وسلوكيًّا، وهو من أهم مقوِّمات الحضارة الإنسانية، وتماسك المجتمع، ولا شك أن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية هو حسنُ الخلق، والسلوك القويم، وأن المسلمين يتقربون إلى الله بمحاسن الأخلاق، وأن الله قد أثنى على رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وهو قدوة المسلمين، وأسوتهم، ومثلهم الأعلى بقوله تعالى:(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم ـ 4)، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(إِنَّ من أَحَبِكُم إِلىَّ، وأقْرَبَكُم مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُم أَخْلاقًا) (رواه الترمذي)، فاذا ساد الخلق القويم، والسلوك المعتدل المستقيمفى المجتمع قلَّتْ النـزاعاتُ، وكادت تنمحي الصراعاتُ، وعمَّ السلمُ بين عناصر المجتمع، وتوطدت أركانُه، وقوي بنيانُه.
ولقد جاءت الدعوة الإسلامية لتعليَ راية الأخلاق المستمدة من العقيدة التي أمرتْ بطاعة الله ورسوله، وأولى الأمر،ورغَّبَتْ فى الأمانة، والصدق، والعدل، والرحمة، ومراعاة العهد، وحرمة الجوار، وحثتْ على النظافة، وإزالة النجاسة:(المعنوية والحسية)، وعدم التـزاحم فى المناسبات، وحُسْن اللباس، والزينة، وعفة اللسان، والفراش، ومراعاة أحكام الشريعة الإسلامية فى التصرفات المالية، ونهتْ عن الظلم، والخداع، والغش، والغبن فى البيوع، وأكل أموال الناس بالباطل،والتعدي على الحرمات، والأعراض، وشيوع الفاحشة.

د. أحمد طلعت حامد سعد
كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
AHMEDTHALAT468@GMAIL.COM

إلى الأعلى
Copy link
Powered by Social Snap