[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
في زمن التوحش، مناسبة عزيزة على القلوب عنوانها عيد الأم .. وأي أم عربية اليوم لاترى المخاطر التي تحدث ببلادها، وان تشعر بالقلق على مصير ابنائها، وكم من الامهات اللواتي تجرعن الحزن على فقدان الزوج او الولد او الاخ او اي قريب .. فلقد ملت الحيطان في بلاد العرب من صور الشهداء والمفقودين، حتى باتت الشهادة ابرز الموضوعات التي يتشارك فيها العرب يوميا.
انها اصعب اربع سنوات مرت على منطقتنا العربية، على أمة ترفض رفع الرايات البيضاء وتسعى لأن ترد على البربرية بما يتناسب مع طموحاتها ومع وعد الانتصار كي لايكون الانكسار مشروعا مقبلا.
لكن العرب لايتوحدون في وجه الهجمة الكبرى عليهم، ممنوع عليهم سبيل الوحدة بعدما تراكم الضعف والوهن في الجسد العربي وبدا كأنه الثابت الوحيد في حياتهم، ففقدوا بالتالي كل مشاريع الأمل الذي تحققه تلك الوحدة. لكن بعض الأمل مازال متواضعا، ونراه في المشاركات في عمليات القتال التي تخاض ضد جحافل البربرية، وضد التضامن الاميركي الصهيوني الغربي وبعض الاقليمي بما فيه بعض العربي. هو صراع المصير بين مشروعين يتنافسان على ارض واحدة فيها وعد بان لايتم تخاذلها وان لاتسقط منها الرايات المرفوعة.
اليوم اذن ارض المعركة شاهدة على وحدة للدم .. ففي زمن البربريات التي لاتفاهم معها ولا حوار ولا امل بلقاء يصبح الصراع سيد الموقف وتصبح البندقية عامل حوار وتفااهم، وهكذا تبتعد المقدسات عن البال، فلا فلسطين تحررت مثلا، بل عاد الاستعمار ليحتل الاجواء أملا في ان يظل له وجود من اجل مصالحه المتعددة.
في زمن التوحش، يتحول عيدها البريء الى قضية دفاع عن الذات تساهم فيه تلك الأم بالقدر الذي يسمح لها المساهمة، فاما ان تصبح شهيدة، واما ان تباع بسوق النخاسة، اوتصبح ارمل او اما لشهيد. ليس من خيار امام كل الساكنين في هذه المنطقة العربية من دفع الاثمان بعد كل محاولات التوحش من الاستقرار فيها واتخاذها موقعا لمشروعه الأكبر. ومن المؤسف ان ثمة من يحتضن ويرعى ويمول ويدعم، وهم من بعض العرب، واما الغرب واسرائيل واميركا فهم ينفذون مشروعهم المنتظر الذي خططوه زمنا وجاء موعد تنفيذه.
في زمن التوحش لن تبلغ الكلمات الجميلة التي سمعتها من الاعلام مسامع الامهات اللواتي يعشن الفزع المخيف على الابناء وعلى المستقبل وعلى الاحفاد وعلى ازواجهن. كيفما قلبن النظر هنالك مصير زاحف عنوانه البربرية في اعلى صورها، تتقدم لتأخذ لها مكانا على خارطة المنطقة، بل نكاد ان نقول انها تريد الغاء الموجود بكل انسانه، او التماهي معها.
لأول مرة يشعر العربي في كل مكان انه مطارد، كان له في الماضي ان اصيب بلده بسوء ان يجد له مكانا في بلد عربي آخر، اليوم لامكان، لم تبق حتى طاولة في عاصمة عربية يمكنه ان يشرب قهوته الصباحية عليها، فلقد اصبحت كل اماكن العرب وديعة الفوضى التي ضربت ولم تستثن بلدا. فاين هو المكان العربي الذي مازال مستثنى من هذا الخراب والموت المتنقل بين ارجائه.