بعد سبعين سنة تقريبا على قيام مايسمى بالعمل العربي المشترك الذي كان أحد المقدمات لما هو أكثر تفاعلا عربيا، ينبغي أن تقام عملية تقدية لهذا الشعار الذي لم يتحقق، مع السبب الذي أدى إليه، وما هي الطريقة لعلاجه.
والحقيقة الساطعة أنه لم يمر يوم في حياة الأمة العربية إلا واستهلكت فيه كلمات من هذا القبيل وأكثر، ربما من باب حرص البعض، أو من خلال الإشارات التاريخية لدور العرب في تحقيق شعار هم بأمس الحاجة إلى تطيقه. وفي كل الأحوال فإنه لم يتحقق خطوة واحدة لتجسيده، بل ظل حبرا على ورق، وبدلا من أن يكون ذلك المرادف للتضامن العربي الذي هو شعار الشعارات، ظل العرب متباعدين، متفرقين، لايجمعهم جامع، وإذا ما أقاموا قمة عربية فمن باب اللقاء الذي ما أن ينتهي حتى يذهب كل في طريقه ويرجع من حيث أتى ويصبح ما اتفق عليه مجرد كلام لا أكثر.
ورغم ذلك كان على العرب أن يكونوا أكثر اندفاعا لتحقيق هذا الشعار وتنفيذه خلال السنوات الأربع التي مرت والتي شهدت آلاما عربية من المؤسف القول إن بعض العرب ساهم في صنعها بدل أن يطفئها، بل إنه تمادى البعض وخاصة رئاسة جامعة الدول العربية إلى إخراج عضو مؤسس فيها من عضويتها بل طرده بطريقة غير لائقة وهوسوريا بناء على اتفاق ما وراء الكواليس مع بعض العرب الذين عملوا في السر والعلن من أجل القضاء على النظام على سوريا ووصل بهم الأمر إلى اللعب على مفاصلها الداخلية بل التآمر على جيشها وعلى وحدة شعبها.
وقع العرب في ما ذهبت إليه أفكارهم وأيديهم من كسر كل القيم التي قامت عليها أسس جامعتهم والمعنى العميق في ألفتهم, وإذا كانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس من طرح مشروع الفوضى البناءة، فإن بعض العرب تلقفه، ليس ضد غير عربي، بل ضد عربي، وضد سوريا تحديدا التي هي قلب العروبة النابض ومصدر القوة لهذه الأمة على مدار تاريخها الطويل.
ومن أسف القول، إن الإرهاب الذي يتمدد على مدى الوطن العربي ويضرب بقوة مفاصله ومرتكزاته ويسعى للقضاء على أنظمته وقواه الحية، فإننا لانجد جدية عند البعض العربي في الوقوف بوجهه ومقاتلته، بل لم ينطلق المسؤولون ولو لمرة واحدة لتبني شعارات التضامن العربي والاحتكام الى عمل عربي مشترك ينهي ظاهرة الإرهاب ويعيد اللحمة الى أمة هي بامس الحاجة لأن تنتصر في مشروعها القومي الخلاق.
إن السبيل الوحيد لإنقاذ الأمة من هذا الإرهاب المتمدد على أرضها، ليس فقط تقديم شرح عن أهدافه، بل العمل بما هو مشترك في هذه الأمة من أجل درء أخطاره، ومن من العرب من يظن أن واقعه بعيدا عن مؤثرات ما يرتكب، سيجد أن النار سوف تحرقه، فالإرهاب ليس له صاحب ولا صديق، بقدرماهو عدو للجميع بمن فيهم من ولده ومن يدعمه ويموله ويطرح له طرق امتداده بهذه الطريقة الشرسة ضد أمته.
يقينا أن العمل العربي المشترك كان وسيبقى أبرز النظريات التي كتبها مخلصون لهذه الأمة، سوف يعز عليهم أن ظلت حبرا على ورق، بل ثمة من يقتل شقيقه العربي وهويرفع ذاك الشعار البريء منه.