في صورة مشهد الأزمة السورية لا تزال عجلات معسكر المؤامرة تبدو غارزة في وحل التآمر، تحاول التقدم تارة والرجوع إلى الوراء تارة أخرى من أجل الخروج من الوحل الذي صنعته سياسة هؤلاء المتآمرين ومغامراتهم الساعية إلى تقديم شهادة حسن سير وسلوك وإثبات مدى الأمانة والإخلاص والولاء والانتماء إلى الطرف الأصيل في المؤامرة ألا وهو كيان الاحتلال الصهيوني، في حين وفي الصورة ذاتها تتقدم الدولة السورية بشكل ملحوظ نحو كسب المزيد من النقاط سياسيًّا وميدانيًّا وتجترح الحلول للوفاء بالتزاماتها، وتجنيب شعبها ويلات الإرهاب وتخفيف المعاناة عن كاهلهم.
فالحكومة السورية والجيش العربي السوري لا يزالان يبليان بلاءً حسنًا في تقطيع خيوط المؤامرة وتقريب الصورة بكامل تفاصيلها ليس إلى المواطن السوري فحسب، وإنما إلى جميع الأحرار في العالم الذين يرفضون الظلم ويكافحون الإرهاب والعنف؛ الصورة التي حرص المتآمرون ـ ولا يزالون ـ ومعهم الإعلام التابع والموالي لهم على تشويهها وتزوير حقائقها ووضع طبقة سميكة من الغشاوة على أعين الكثير من السوريين والمتابعين لشأن المؤامرة حتى لا يصلوا إلى تفاصيل الصورة.
وبالنظر إلى الناحية الميدانية للصورة فإن الجيش العربي السوري يواصل تسطير ملاحمه البطولية في مكافحة الإرهاب المدعوم من قبل أكثر من ثمانين دولة، وفي الوقت الذي يدحر فيه الإرهابيين في مناطق وينظفها من دنسهم ورجسهم، يواصل جهود المصالحة في مناطق أخرى مدعومًا بأهل الحل والعقد والحكمة والعقل والرشد وتسوية أوضاع المسلحين المغرر بهم بعد تسليم أسلحتهم، من أجل تأمين عودة الأهالي إلى قراهم ومنازلهم الذين هجرتهم منها عصابات الإرهاب، ومن شأن عملية المصالحة أن تكون فتحًا على سوريا وأهلها لإيقاف نزيف الدماء وإيقاف العبث بمقدراتهم وممتلكاتهم وتدمير مدنهم وقراهم وأريافهم، وقطع الطريق على كل ذلك أمام العصابات الإرهاب وداعميهم، وفق النحو المشاهد في كل من برزة والمعضمية. ولا تزال جهود الجيش العربي السوري والحكومة السورية تتحرك بكل عزم ومسؤولية في اتجاه تأمين الأمن والاستقرار للمدنيين السوريين، وإنجاز جميع الترتيبات اللازمة لخروج المدنيين المحاصرين في أحياء المدينة القديمة بمحافظة حمص من أطفال ونساء ومصابين وكبار السن الذين اتخذتهم العصابات الإرهابية دروعًا بشرية، وتقديم كافة التسهيلات والمستلزمات الطبية والإغاثية، حيث خرج يوم أمس عشرات المدنيين كدفعة أولى.
أما الجانب السياسي من الصورة التي تعمل الحكومة السورية على تقريبها فيتمثل في المشاركة اللافتة في الجولة الأولى لمؤتمر جنيف الثاني وتقديم الأوراق والمبادرات التي تعبر عن رغبة سورية أكيدة في حل الأزمة، ودحر الإرهاب وحماية الشعب السوري وإنهاء معاناته، وكذلك إعلان الموافقة على حضور الجولة الثانية للمؤتمر المقررة في العاشر من هذا الشهر، وعلى صعيد الأسلحة الكيماوية حيث حاول الأميركي الدخول من بوابة التشكيك في الموقف السوري الملتزم بتفكيكها ونقلها، ها هي الحكومة السورية توقع مع الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية الاتفاقية المحددة للمركز القانوني للبعثة المشتركة لإزالة الأسلحة الكيميائية في سوريا، قاطعة بذلك الطريق على كل الصائدين في الماء العكر والمتآمرين والماكرين الذين يبذلون جهودهم لوضع العراقيل ووضع العربة أمام الحصان لكي يواصلوا مؤامرتهم المبنية على الإرهاب من ألفها إلى يائها.
إن هذا الأداء الوطني المسؤول والنجاح المتميز والحكيم لسوريا في التعامل مع المؤامرة وفكفكة تشابكاتها أصبح لافتًا حجم أذاه النفسي في تصرفات الحاقدين على سوريا والمتآمرين عليها ومواقفهم وتصريحاتهم والذين لا يزالون يبحثون عن أي شيء يحفظون به ماء وجوههم، والذين بدأ يرتد عليهم فشلًا ذريعًا.