لفت انتباهي منذ فترة حوار في أحد مواقع التواصل الاجتماعي عن كتاب سماحة الشيخ الخليلي (الحقيقة الدامغة) وكان الحوار منتقداً للكتاب وجاءت المشاركات في الموضوع أغلبها تؤيد الشخص المنتقد وظهرت أصوات معدودة تخالف رأي المنتقد ناشر الموضوع، ارتفاع أصوات الاختلاف مع الكتاب مقابل أصوات بسيطة مؤيدة لا تقدم النسبة الحقيقية لمن هو مع أو من اختلف مع الكتاب، وخاصة بأن سماحة الشيخ له شعبية كبيرة في الوسط العماني بشكل خاص وله احترام ومحبة خاصة، حتى أنه لا يقبل النقاش في فكره من أي شخص ما لم يكن بنفس مستواه الفكري ومكانته الدينية. ولكن بسبب غياب وعدم مشاركة (من يتواجدون في وسائل التواصل) ممن يمثلون المؤسسة الدينية ظهر بأن النسبة المختلفة مع الكتاب تفوق النسبة التي تؤيد ما جاء في الكتاب.
اللافت للانتباه هنا أن من يمثلون رأي المؤسسة الدينية أو من أخذوا على عاتقهم توصيل تعاليم الإسلام لم ينتقلوا من نبرة الخطاب السابقة والتي كانت تتخذ من المسجد وسيلة أساسية إلى جانب وسائل الإعلام التقليدية والمتمثلة في الإذاعة والتلفزيون والصحف فهذه الوسائل أصبحت وحدها لا تكفي لتوصيل معلومة أو توجيه خطاب لأن الجيل الحالي هو جيل صعب ومن سيأتي بعده أصعب فهو لا يتقبل المعلومة بسهولة وخاصة تلك المعلومة التي تعتمد على التلقين الموجه، فبرنامج تليفزيوني يتيم في التلفزيون الحكومي يعتمد على السؤال والجواب لم يعد كافيا للوصول إلى كل العقول التي يستهدفها البرنامج على الرغم من أن ضيوف البرنامج لا اختلاف عليهم ولكن برنامجا واحدا لا يكفي. كما ان إذاعة القرآن الكريم التي يغطي نسبة كبيرة من بثها قراءة القرآن ما زالت تتبع النهج القديم في توصيل الرسالة والتي لا تستهدف عقول جيل الشباب الذي يجب أن تركز عليه الرسالة الإعلامية؛ لأن الجيل الحالي له وسائله الخاصة التي تؤثر به وهي وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت شغله الشاغل فهو يجسد حياته في تلك الوسائل وهي القناة الأولى التي يستقبل من خلالها المعلومة باختلاف أشكالها تلك المعلومة المغلفة بغلاف يتقبله حسب مستوى تفكيره الذي لا يقبل بالتوجيه الأحادي المصدر بل الحوار مع شحنة كافية من الصبر للوصول للإقناع. لذلك أن وجود الدعاة وعلماء الدين والمحاضرين في المجتمع التويتري العماني أصبح شيئا ضروريا وتغير النبرة في تقديم المعلومة، لتكون بلغة أكثر بساطة وتتناسب ولغة الوسائل الجديدة التي تعتمد على الاختصار أو التعبير بالصورة. فعلى سبيل المثال حساب سماحة الشيخ الخليلي في تويتر والذي يديره شباب متطوعون باجتهاد إلا أن هذا الحساب لا يقدم إلا فتاوى سماحة الشيخ فقط، وهذا ما لا يتقبله مجتمع تويتر الذي يؤمن بالحوار والأخذ والعطاء حتى تصله المعلومة وهو مقتنع بذلك فإن هذا الحساب لم يقدم الرسالة حسب طبيعة الوسيلة واللغة التي يتقبلها الشباب.
وهنا اتكلم عن نسبة كبيرة من الشباب أو من بدأت التقنية تجرهم إليها ومنها يتلقون أفكاراً دون معرفة لماذا؟ وكيف ؟ من مختلف الأطياف الفكرية والتوجهات الدينية واللادينية والتي اتخذت من هذه الوسائل معبرا للوصول إلى أهدافها وأفكارها التي تؤمن بها. فالدخول إلى هذه الوسائل والاقتراب من هؤلاء الشباب أمر في غاية الضرورة، بعد أن أصبحت هذه الوسائل تشارك الأسرة في تنشئة الجيل وتشكيل توجهاته. وقبل بضع سنوات مضت كانت خطب الجمعة هي من أهم الوسائل، ولكن مع تغير العالم وتطور البشرية أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أكثر تأثيراً من غيرها.
(قد يقول قائل اتركوا هذا الجيل يختار حياته ولا توجهوه حسب توجهاتكم ؟! وهنا أقول إن وجود علماء الدين في وسائل التواصل الاجتماعي من دعاة وعلماء لا يعني استخدام العصا، ولكن تبيان الصح واجب والاختيار مفتوح، على الرغم من أن الوصول إلى الحقيقة ليس سهلاً.
التواجد في وسائل التواصل واستخدامها بلغة حوار تتناسب وجيل الشباب سيكون لها تأثيرها في التقرب من الشباب والوصول إلى العالمية بأفكارهم وتسامحهم.

خولة بنت سلطان الحوسنية
@sahaf03