حضور الرئيس الأميركي جو بايدن اجتماع (الكابينيت)، ومعه وزير خارجيَّته، وعدد من صانعي القرار في إدارته، حَدَث مُستجد، يقع لأوَّل مرَّة في تاريخ «إسرائيل»، منذ تشكيل المجلس الوزاري المُصغَّر (الكابينيت) المعني باتِّخاذ القرارات المُتعلقة بالعناوين الاستراتيجيَّة على مستوياتها السِّياسيَّة والأمنيَّة والعسكريَّة.
في حضور الرئيس جو بايدن اجتماع الكابينيت، ومشاركة هيئة الأركان المشتركة لجيوش الولايات المُتَّحدة وقوَّات والمارينز من منطقة الشَّرق الأوسط حتَّى افغانستان، يؤكِّد أنَّ مَن يُدير الحرب على قِطاع غزَّة عمليَّاتيًّا، هي واشنطن مباشرة.
واشنطن الَّتي نصحَت داخل غرفة العمليَّات، وعملت على الدَّفع بتوجيه الجهد العسكري بخطوات حرب برِّيَّة محدودة جدًّا فقط بعد انتهت تقريبًا مُهمَّة سلاح الجوِّ بعد الدَّمار الشَّامل الَّذي أصاب بقصفه المنشآت والبنى التحتيَّة والأبراج والأحياء السَّكنيَّة، وفتك بالمَدنيِّين. وذلك خشية من تفاقم الأوضاع في المنطقة، وردود فعل النَّاس في مختلف البلدان العربيَّة، كما والتحوُّل المتسارع في الرأي العامِّ العالَمي تجاه التضامن مع الشَّعب العربي الفلسطيني.
المعلومات المُتسرِّبة عَبْرَ الصحافة «الإسرائيليَّة» عن اجتماع الكابينيت بحضور بايدن ووزير خارجيَّته بلينكن والأركان المشتركة الأميركيَّة، تقول بأنَّ الأميركيين قدَّموا وجهة نظر متكاملة بشأن العمليَّة البرِّيَّة، على أن تكُونَ عبارة عن توغُّلات محدودة فقط. مع استبعاد العمليَّة البرِّيَّة الواسعة الَّتي تُهدِّد بها «إسرائيل». لذلك من المتوقع أن تكُونَ توغُّلات محدودة ومحاولات لتقطيع غزَّة لثلاث مناطق بالنيران الأرضيَّة من مدافع الهاوتزر الثقيلة ومدافع الدَّبابات وعن مسافات بعيدة نسبيًّا، تجنُّبًا من أيِّ عمليَّة اشتباك مباشر مع مقاومين فلسطينيِّين، خشية الوقوع في الفخِّ داخل غزَّة (عش الدبابير وفق التعبير الأميركي الإسرائيلي).
وفي هذا الإطار، كان الفيتو (استخدام حقِّ النقض) من قِبَل مندوب روسيا في مجلس الأمن في جلسته الأخيرة ضدَّ مشروع القرار المُقَدَّم برازيليًّا، بسبب تضمُّنه فقرة في نَصِّه تُشير لقوى المقاومة الفلسطينيَّة بالإرهاب. وهو نَصٌّ برازيلي أُدخلت عَلَيْه الفقرة إيَّاها بضغطٍ أميركي، لكنَّه سقط بالفيتو الروسي، الأمْرُ الَّذي يحمل مدلولاته القاطعة الَّتي تَشي بأنَّ موسكو على خطِّ الأحداث اليوميَّة الطازجة في قِطاع غزَّة.
وتمَّ أيضًا التصويت في مجلس الأمن على مشروع القرار الروسي بعد شطْبِ ما ورَدَ في النَّص البرازيلي بشأن تجريم المقاومة الفلسطينيَّة، فنال موافقة وتأييد تسع دوَل مع. وأربع دوَل ضِد، وهي الولايات المُتَّحدة وبريطانيا وفرنسا اليابان. وامتناع دَولتَيْنِ عن المشاركة بالتصويت. بمعنى أنَّ غالبيَّة دوَل مجلس الأمن الخمس عشرة مع رفض تجريم المقاومة الفلسطينيَّة ووسْمِها بالإرهاب. لكنَّ مشروع القرار الروسي سقط بفعل الفيتو الأميركي...
إنَّها المعركة المحتدمة في أروقة المُجتمع الدولي على أعلى مستوياتها، مع التحوُّل المتتالي في المزاج العالَم شعوبًا ودوَلًا لصالح الشَّعب العربي الفلسطيني. وهو ما يتوجَّب عَلَيْنا التقاطه، لِنعرفَ بأنَّ اليَدَ الأميركيَّة وحاملتَيْ طائراتها (ا س اس جيرالد فورد) و(ايزنهاور)، وبوارج بريطانيا لَنْ ترسمَ قدر ومستقبل الشَّعب الفلسطيني، فسياسة العصا الغليظة كسَرَها الشَّعب الفلسطيني في صمود غزَّة الأُسطوري وصمود الضفَّة الغربيَّة والقدس.



علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]