يتمثل جمع المساهمين في الشركة في صورة جمعية عامة، تمارس اختصاصات عدة ومختلفة منحها لها القانون. وقد سبق وأوضحنا أن الجمعية العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالشركة، وعلى هذا النحو أفرد لها المشرع بعض الاختصاصات الرقابية على أعمال المجلس التي تتناسب وطبيعة تكوينها... ولعل أبرز هذه الاختصاصات الرقابية تتمثل في الرقابة عند الحصول على منح الإذن أو الترخيص لمجلس الادارة. تفسير ذلك يكون مجلس ادارة الشركة ملزما بالحصول على اذن أو ترخيص مسبق أو لاحق من الجمعية العامة عند ممارسة بعض الأعمال الموكولة إليه... ومن أمثلة تلك الأعمال التي أوجب المشرع على مجلس الادارة الحصول على اذن من المساهمين القيام بأعمال منافسة لنشاط الشركة. استنادا لنص المادة (107) من قانون الشركات "لا يجوز لعضو مجلس الادارة أن يشترك في ادارة عمل تجاري منافس لنشاط الشركة الا بموافقة الجمعية العامة، على أن تجدد الموافقة سنويا"... ونلاحظ على أن هذا المنح جاء عاما وبالتالي يتسع الخطر على عضو المجلس سواء اشترك في ادارة عمل تجاري منافس للشركة وسواء أكانت ممارسته لهذا العمل لحساب نفسه أم لحساب الغير.
ومن الأمور الأخرى التي يتطلب على عضو المجلس الحصول على موافقة الجمعية العامة عند عقد بعض الصفقات وكذا هو الحال عند التبرع بأموال الشركة. ففيما يتعلق بعقد الصفقات، فقد نصت على ذلك المادة (108) بقولها "لا يجوز أن يكون لعضو مجلس الادارة أو غيره من الأطراف ذوي العلاقة بالشركة مصلحة مباشرة أو غير مباشرة فيما تجريه من صفقات أو عقود لحسابها. واستثناء من ذلك يجوز اجراء بعض الصفقات والعقود معهم على أن يكون ذلك وفقا للضوابط التي يصدر بها قرار من الهيئة العامة لسوق المال..." .
وبقراءتنا لميثاق تنظيم وادارة شركات المساهمة العامة حددت المادة (19) منه الحالات التي يجوز لعضو الإدارة القيام بها دون الحصول على اذن من قبل الجمعية وتتمثل تلك الحالات في: العقود والصفقات الاعتيادية التي تدخل الشركة طرفا فيها في سياق نشاطها الاعتيادي. مع العلم أنه يجب التأكيد على عدم حصول الطرف ذي العلاقة على أية ميزة كما يجب احاطة الجمعية علما بهذه الصفقات في أول اجتماع لها.
وثاني هذه الحالات: العقود والصفقات التي تتم عن طريق المناقصات العامة من خلال طرح حقيقي وافصاح كامل عن شروط المناقصة. وتتمثل ثالث هذه الحالات الصفقات الصغيرة التي لا تتجاوز تكلفتها الاجمالية عن الحد الأقصى للمبلغ المنصوص عليه في لائحة المشتريات للشركة يشترط أن يتم ذلك بناء على توصية لجنة التدقيق بالشركة. وثاني أنواع الرقابة التي تمارسها الجمعيات العامة تتمثل في الرقابة عند التصديق على أعمال المجلس.
وقد أقر المشرع العماني بهذه الرقابة حيث أعطى المساهمين حق الاطلاع على المعلومات المختلفة عن الشركة، وتطبيقا لذلك نصت المادة (104) من قانون الشركات بأنه "على الشركات المساهمة العامة اعداد حسابات نصف سنوية غير مدققة تشمل المزانية العمومية، وكشف الأرباح والخسائر والتكلفات النقدية على أن يتم نشر الحسابات خلال ثلاثة أشهر من انتهاء نصف السنة المالية للشركة... وفيما يتعلق باختصاصات الجمعية العامة للمساهمين في هذه الحالة فقد أوضحته جليا المادتان (120) و(121) من ذات القانون حيث تناولت المادة (120) اختصاصات الجمعية العامة العادية ومن أهمها دراسة تقرير مجلس الادارة عن نشاط الشركة للسنة المالية السابقة والمصادقة عليه وأيضا دراسة تقارير مراقب الحسابات عن المركز المالي للشركة والذي يتضمن بطبيعة الحال ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر والمصادقة على تلك التقارير. في حين ان المادة (121) من القانون ذاته ألزمت مجلس الادارة أن يضع في متناول مساهمي الشركة وحملة سنداتها ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر... من أجل الاطلاع عليها. ويلزم أعضاء المجلس بتقديم تلك المستندات خلال اسبوعين على الأقل قبل انعقاد الجمعية العامة العادية السنوية... وقد حددت الفقرة (3) من ذات المادة جزاء حرمان المساهم من حقه في الاطلاع على الوثائق والمستندات المذكورة ببطلان التصديق الذي يصدر من الجمعية العامة عن القرار المذكور. ويتمثل النوع الثالث من الرقابة التي تمارسها الجمعية العامة للمساهمين على أعضاء مجلس الادارة "عند اجراء التحقيق مع عضو مجلس الادارة المخالف" فقد منح المشرع الهيئة العامة لسوق المال سلطات التحقيق في مخالفات عضو أو أعضاء مجلس الإدارة التي يترتب عليها الأضرار بسوق المال أو بحقوق المساهمين، وقد تناولت هذا الحق المادة (8) من القرار الاداري رقم (137) لسنة 2002م الخاص بقواعد وشروط انتخاب أعضاء مجالس ادارة شركات المساهمة العامة والأحكام الخاصة بمسؤولياتهم. وطبقا لهذه المادة فإن الهيئة العامة لسوق المال عند ثبوت وقوع المخالفات أن تتخذ أحد الإجراءين دون الاخلال بأحكام المسؤولية الأخرى، فلها أما تكليف مجلس الادارة بإزالة أسباب المخالفة في الميعاد التي تحدده مع انذاره باتخاذ عقد جمعية عامة لعزل عضو أو أعضاء المجلس المتسببين في المخالة اذا لم تتم ازالتها خلال الميعاد المحدد وأما أن تطلب مباشرة الدعوة لعقد جمعية عامة للنظر في عزل عضو أو أعضاء مجلس الإدارة المتسببين في المخالفة عند عدم إزالة المخالفة في الميعاد المحدد أو كانت ازالتها مستحيلة... وهذا ما أكدته المادة (99) من قانون الشركات على أنه "للجمعية العامة في أي وقت ودونما حاجة لأي مبرر، أن تعزل أي عضو من أعضاء مجلس الإدارة أو أن تعزلهم جميعا حتى ولو نص نظام الشركة على خلاف ذلك."
ومن الملاحظ أن المشرع العماني لم يحدد المقصود بالجمعية العامة التي يحق لها عزل كل أو بعض أعضاء مجلس الادارة في حالة تقصيرهم في عملهم. هل هي الجمعية العامة العادية أم الجمعية العامة غير العادية؟ ومن الثابت قانونا أن لكل منهما أحكاما تخضع إليه من حيث صحة الانعقاد وصحة القرارات الصادرة بجزاء العزل... الا أنه ما يخفف ذلك أن الفقه ذهب أن يكون هذا العزل للجمعية العامة غير العادية. باعتبار أن جزاء العزل من الأمور الخطيرة التي يجب اعتبارها غير عادية... ورابع أنواع هذه الرقابة التي تمارسها الجمعية العامة تتمثل في الرقابة عند صرف مكافآت أعضاء مجلس الإدارة... والواقع أن مسألة تقرير المكافآت لأعضاء مجلس الإدارة قننتها المادة (101) من قانون الشركات وكذلك الأحكام الواردة في القرار رقم (11/2005) بشأن الضوابط المنظمة للمكافآت السنوية وبدل الجلسات واللجان المنبثقة عن المجلس. وبطبيعة الحال فإن مقدار هذه المكافآت تختلف باختلاف حالة الشركة. فالشركات التي تحقق أرباحا فإنه يتعين على الجمعية العامة العادية القيام بتحديد هذه المكافآت وبدلات الحضور عن كل سنة مالية بما لا يجاوز عشرة آلاف ريال عماني لكل عضو في السنة... وفي جميع الأحوال يجب ألا تتعدى في مجموعها 5% من صافي الأرباح السنوية وبحد أقصى مئتي ألف ريال عماني بعد استقطاع الاحتياطي القانوني والاختياري... أما الشركات التي لم تحقق أرباحا وفي نفس الوقت لم يلحق برأس مالها خسارة، أو حققت أرباحا لا يمكن معها توزيع كامل نسبة المساهمين من الأرباح، فإنه في هذه الحالة يتعين على جمعياتها العامة تحديد مكافآت مجالس اداراتها وبدلات الحضور بما لا يجاوز عشرة آلاف ريال عماني لكل عضو في السنة على أن لا تتعدى تلك في مجموعها خمسين ألف ريال عماني. أما الشركات المساهمة العامة التي لحق برأس مالها خسارة فإنه لا يجوز توزيع مكافآت لأعضاء مجالس اداراتها، بيد أنه يجوز منح الأعضاء بدل حضور الجلسات المنعقدة خلال السنة التي لحقت الشركة فيها خسارة أو في السنوات التالية لهذه السنة... خلاصة القول أن الجمعية العامة من خلال ما تمارسه من دور في تحديد واختيار الاستراتيجية العامة للشركة وما تجيزه من خطط وعمليات تنظيمية وما تصدره من توجيهات لمجلس الادارة لا شك أنه يحقق العدالة والنزاهة ويحافظ على حقوق المساهمين... لمزيد من الايضاح يمكن للقارئ الرجوع الى قانون الشركات التجارية والقوانين المكملة له والقرارات والتعاميم ذات الصلة،،،

سالم الفليتي
محام ومستشار قانوني
كاتب وباحث في الحوكمة والقوانين التجارية والبحرية
[email protected]