مع أن القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ مرت بدون تأثير وآثار على المستوى الشعبي، وأنها لم تترك أية جدية بقدراتها، إلا أن ما أعلنته عن إنشاء قوة عربية طرح جملة أسئلة: أولها حول هوية تلك القوة، وثانيها هل ترتبط بتعريف الإرهاب بشكل موحد، وثالثها قوة ضد من ومع من!!
والحقيقة التي لا لبس فيها أن الفكرة من حيث قيمتها المعنوية طيبة ومطلوبة، لكنها من حيث بعدها تبقى مجهولة في ظل الاصطفافات الراهنة، وتبقى تلك الأسئلة بحاجة لإجابات، هذا إذا تمكنا من الحصول عليها في هذه الظروف، ثم هل هي مجرد ردة فعل على الحدث اليمني أم أن لها علاقة بالحفاظ على الأقطار العربية ومنع التدخل الأجنبي بها، ومحاربة الإرهاب بكافة أنواعه، والحفاظ على التراب الوطني العربي، وقبل وبعد، ماهو الموقف من اسرائيل، فيما يتصل بهذه القوة المقترحة، وهو السؤال الأخطر الذي يحتاج لجواب مقنع.
قوى الإرهاب التي باتت معروفة عديدة وكل منها له مصدر إنشائه وتمويله ك " داعش " مثلا، وهنالك " جيش الإسلام " ثم "جبهة النصرة" وباقي التنظيمات الصغيرة، وهي كلها ترضع من حليب عربي بكل أسف. فهل هذه التي تحارب الدولة والنظام في سوريا يسري عليها مفهوم الإرهاب في الوقت الذي كأن هذا البعض العربي يدين نفسه في عملية تبنيه لها، وهو أيضا الموافق على صيغة القوة العربية المشتركة التي سيكون من طبيعة عملها محاربة هذه التنظيمات التكفيرية الإرهابية.
لم نجد في مسودة الحديث عن تلك القوة العربية ماهو التعريف الجامع للإرهاب كي نفهم الدور المعطى لها. فالإرهاب الذي نعرفه بكل بساطة هو ذاك الذي أدرجناه أعلاه، وهو يصب في صميم السبب الذي من أجله سيتم إنشاء القوة العربية المشتركة.
اننا نعتقد أن تلك الفكرة من المحسنات اللغوية التي دأب العرب على طرحها لتجديد بعض المضمون في القمة العربية، لكن عملية التنفيذ قد يشوبها جدل كبير إذا لم يتفق العرب الذين سيؤلفون تلك القوة على تعريف الإرهاب أولا وعلى تحديده، فإن فعلوها فعليهم قبل كل شيء وقف تمويل تنظيماتهم التي تضرب سوريا على الأقل والتي تهدد لبنان، مع أن البعض يرى " النصرة " في لبنان إرهابا، فيما هي في سوريا " ثورة " ضد النظام، وتلك نظرة من عجائب الأفكار التي لا يمكن هضمها.
اذن بترحيب متحفظ يمكن قبول فكرة القوة المشتركة والنخوة العربية التي أصدرتها في هذه الظروف الدقيقة. لكن المطلوب وقبل كل شيء معالجة الفكرة قبل طرحها، والجواب على الأسئلة تلك كي نتعرف على أبعاد فكرة سبقتنا اليها الدول الافريقية، كما ان العرب كانوا قد أنشأوا في السابق قوة ردع عربية من اجل لبنان ما لبثت أن تبخرت بعد تنفيذها حيث انسحبت الدول التي نفذتها وغذتها لتبقى سوريا لوحدها في ميدان ترتيب الوضع اللبناني الذي كان شائكا للغاية في تلك الأوقات.
فهل نحن أمام ردة فعل بمقاييس عربية لها نهايات مختلفة دائما عن البدايات، أم نحن أمام علاج دائم نشك في تحقيقه نظرا للتباينات والاصطفافات التي نعرف مسبقا أنها متوفرة في الساحة العربية.