اصداف: تحت الأضواء
من هنا فإن أقدام ساباتاي زيفي على تقسيم العالم إلى ثمانية وثلاثين جزءاً قد أصبحت واضحة الأهداف، حيث عين لكل جزءٍ منها ملكاً، اعتقاداً منه بأنه سيحكم العالم من فلسطين وكان يقول (أنا سليل سليمان بن داود حاكم البشر، واعتبر القدس قصراً لي).
وقد وجه أوامر إلى اتباعه تقول “الإيمان بأن مسيح يهوه هو المسيح الحق ولا مخلص سواه، هو سيدنا وملكنا ساباتاي زيفي، وأنه من نسل داود وأنه يجب قراءة مزامير داود سراً كل يوم، ويجب مراعاة الاتراك المسلمين ذراً للرماد في أعينهم، ويجب عدم اظهار الضيق بصوم رمضان او عند تقديم أضحية العيد، بل يجب المحافظة على جميع المظاهر الدينية الاسلامية ومنع الزواج من المسلمين منعاً باتاً.
ومن بين الأوامر أن يتم الاحتفال باليوم الذي اسلم فيه ساباتاي احتفالاً كبيراً، وهو جزء من التغطية وليظل الاتباع وعبر الأجيال يتناقلون وصاياه ويلتزمون بها.
ظل يهود الدونمة يؤدون الشعائر الدينية الإسلامية الظاهرة تنفيذاً لاوامر ساباتاي فهم يصومون احياناً ويحجون ايضاً، ويدخلون المساجد والجوامع للصلاة احياناً، ومن بين أعيادهم (العشرين) لديهم عيد (الخروف) وهذا يحدث في 22 مارس الذي يقول عنه ابراهيم علاء الدين في كتابه (ساباتاي زيفي) يشترط للاحتفال بهذا العيد تساوي النساء والرجال المتزوجين، ويذبحون خروفاً ويلهون ثم تطفأ الشموع ويسود الظلام، والاولاد الذين يولدون نتيجة تلك الليلة يكتسبون القداسة.
ويتضح من السيرة الذاتية لـ (ساباتاي زيفي) أن الكثير من الأحداث التي حصلت في تلك الفترة، كانت مدروسةً بعناية، ولم تكن اعتباطية، حيث إن الاهتمام بهذه الشخصية على صعيد الجماعات اليهودية وما اعطي من أهمية لم تكن كافية لتحركه على نطاق اوسع داخل مجتمع الدولة العثمانية وخاصة في المدن الرئيسة، لهذا نجده يتحرك لأثارة السلطة العثمانية ضده، وليس هناك تفسير غير ذلك في ما يتعلق بقيام ساباتاي بشطب اسم السلطان محمد الرابع من الخطب التي كانت تلقى في كنيس اليهود وجعل اسمه محل اسم السلطان، ولا نعتقد أن ذلك كان نوعاً من المباهاة باسمه، او أنه يمثل معارضة للسلطة العثمانية او مرحلة لابراز الدور اليهودي في تلك المنطقة، وانما كان القصد منه تحريض السلطة الحاكمة لاتخاذ اجراء ضده، وكان ذلك من شأنه ان يحوله إلى رمز اجتماعي، يتداول اسمه عامة الناس وهذه مرحلة جديدة، يمكن أن تمنح ساباتاي قدرة أكبر على التحرك والتأثير في الجماعات اليهودية وعموم المجتمع، وبرغم ان الدولة العثمانية كانت منشغلة في تلك الاثناء بحرب (كريت) إلا أن ما سعى إليه ساباتاي قد تحقق، واصدر الصدر الأعظم أوامره بالقاء القبض عليه، واقتيد بحراً إلى العاصمة وتمت محاكمته، ويمكن ان نتخيل حجم الاقاويل والكلام والمتابعات التي رافقت كل ذلك، وعندما صدر بحقه قرار السجن، ارسل إلى سجن (زندان قابي) ثم نقل إلى سجن (جناق قلعة)، وهنا تبدأ مرحلة جديدة وخطيرة، اذ ان اغلب الدارسين يعدون أن ساباتاي اضطر لدخول الإسلام بعد أن عرض عليه السلطان محمد الرابع ذلك، حيث وجد نفسه قد اصبح بين خطر الموت او الإسلام، فلذلك اعتنق الإسلام وسمى نفسه (محمد عزيز افندي)