ظلت التنمية بشتى فروعها ومجالاتها على الدوام الشغل الشاغل، وتتبوأ الصدارة في قائمة خطط الحكومة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وذلك باعتبارها القاعدة الأساسية التي ترتكز عليها أركان الدولة العصرية. ولايزال جلالته ـ أيده الله ـ يوالي إسداء توجيهاته السامية والكريمة حول كل ما يتعلق بالتنمية والاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وتنمية الموارد البشرية، وحول كل ما من شأنه تعميق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث نظرة جلالة عاهل البلاد المفدى ـ أعزه الله ـ إلى القطاع الخاص على أنه شريك في التنمية والذي بدونه لا يمكن أن تقوم الدولة وتتطور وتستقر، ولهذا أخذت حكومة جلالته على عاتقها مبدأ المشاركة الفعلية والتبادلية بينها وبين القطاع الخاص، مقدمةً كافة التسهيلات ووسائل التشجيع والدعم لهذا القطاع المهم، لكونه القطب المكمل لدور القطاع العام، حرصًا منها على الارتقاء بالقطاع الخاص وحفزه على أن يكون الطرف الفاعل والمؤثر في عمليات التشغيل والإنتاج، ولولا هذه التسهيلات والدعوم بمختلف أنواعها ومظاهرها لما استطاع هذا القطاع الوقوف على أقدامه بهذه الصورة اللافتة، ففي سرعة مذهلة تمكنت حكومة جلالته ـ أبقاه الله ـ من أن تجعل من القطاع الخاص قطاعًا حيويًّا وناهضًا.
وأتت زيارة جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى منطقة الرسيل الصناعية في التاسع من فبراير عام 1991م تأكيدا على اهتمام جلالته بالقطاع الخاص وبقطاع الصناعة، ولتكريس مغزى هذه الزيارة وأبعادها وعكس مظاهر الاهتمام حرصت السلطنة على الاحتفال بذكرى هذه الزيارة كل عام وتخصيص تاريخ هذه الزيارة يومًا للصناعة العمانية، حيث تحتفل البلاد اليوم الموافق التاسع من فبراير بهذا اليوم تخليدًا للزيارة الكريمة التي قام بها جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ لمنطقة الرسيل الصناعية، إيمانًا من جلالته بأهمية الصناعة كمورد دخل يضاف إلى موارد الدخل المحصلة من إنتاج النفط والغاز، وتأكيدًا على الاهتمام الكبير الذي يوليه جلالته ـ أيده الله ـ لقطاعات الإنتاج وضرورة العمل الجدي لتنويع مصادر الدخل، وعدم الارتهان والركون إلى قطاع إنتاج واحد واعتماده مصدرًا للدخل، خاصة إذا كان هذا القطاع وهو قطاع النفط غير مأمون الجانب باعتباره سلعة قابلة لتقلبات السوق صعودًا ونزولًا تبعًا للمتغيرات السياسية والمناخية والاقتصادية، وبالتالي تركز اهتمام جلالته ـ أعزه الله ـ على توجيه حكومته نحو إيجاد مصادر دخل رديفة لمصدر النفط، وذلك من أجل المحافظة على ما تم إنجازه من بنية تحتية والمضي قدمًا باتجاه إضافة ركائز أُخَر لهذه البنية، وحتى لا تتوقف عجلة التنمية أو تتباطأ سرعتها. كما يعد اللقاء الذي تعقده وزارة التجارة والصناعة ـ احتفالًا بالمناسبة ـ مع الصناعيين العمانيين والمهتمين بهذا القطاع ومع رجال الأعمال وأصحاب شركات ومؤسسات القطاع الخاص صورة أخرى من صور الاهتمام بالقطاع الخاص وفي مقدمته قطاع الصناعة، حيث سيتم خلال اللقاء الاطلاع عن قرب على أهم المستجدات التي تهم قطاع الصناعة في السلطنة، وأخذ آراء الصناعيين حول أهم التحديات التي تعترض مسار الصناعة العمانية وماهية الحلول والمقترحات الممكنة لتطوير القطاع الصناعي، وكذلك الوقوف على أهم المشاكل والقضايا التي تعترض القطاع الصناعي والمستثمرين ومحاولة معالجتها والرد على استفساراتهم وكذلك التحدي الذي يواجهه الوطن برمته ونعني به مشكلة الباحثين عن العمل.
إن الآمال لا تزال كبيرة بأن يرتقي القطاع الخاص بوجه عام إلى مستوى الآمال المعقودة عليه فيما يخص توفير فرص العمل للباحثين عن عمل وتحسين الدخل والتخلي عن سياسة الربح السريع والتخلي عن عدم مبادلته الواجبة عليه لتلك التسهيلات والدعوم والتشجيع المقدمة له من قبل الحكومة، وترك أزمة الثقة التي اصطنعها بنفسه تجاه القوى العاملة الوطنية بتعيينهم في وظائف دنيا ووظائف عمال، فيما يترك الوظائف العليا للأجنبي ليستحوذ على كل شيء، لذلك مطلوب منه أن يرتقي إلى مستوى الشراكة الحقيقية والمسؤولية الوطنية.