إن الدخول إلى حفلة عرس بدون دعوة لا شك يعتبر موقفا محرجا قد لا يسلم المتورط في هكذا موقف من الطرد والافتضاح على رؤوس الأشهاد، لكن بالنسبة لفهلوي متسلل وباحث عن قضاء لحظات لا تخلو من المتعة المجانية، يمكن أن يتعامل مع الوضع بسهولة مندسا بين الجمع في غفلة وانشغال عنه، والصحافة والإعلام العمانيين بالنظر إلى وضعهما المهني الحالي يمكن تشبيه وضع العمل فيهما بالنسبة لأسماء كثيرة، كالدخول إلى حفلة عرس بدون دعوة رسمية، حيث تجد أن هناك الكثيرين من يندرجون تحت تعريف صحفي أو إعلامي في السلطنة، من لا يملك منهم في حقيقة الأمر لا الثقافة ولا الوعي المتطلبين لممارسة هذه المهنة، دعك من الخبرة والمهنية الحقيقية في مجال يعد الأكثر تطورا في العالم والأخطر تأثيرا، فهم بدلا من تطوير أنفسهم تجدهم مصرين على فرض أنفسهم في هذا المجال وتشبثهم بفهلوية الداخل والمتسلل إلى حفل عرس بدون دعوة، وإذا اتفقنا على حقيقة أن المظاهر خادعة وأن المظهر في النظرة الحصيفة للأشياء تكون عكس المخبر دائما، فإن صحافتنا وإعلامنا بكثرة الأسماء، وهي كثرة هزيلة مقارنة بمستوى الإنجاز والإبداع الصحفي والإعلامي التي يزدحم بهما هذان المجالان التوأمان، تعكس أبعاد أزمة حقيقية في الصحافة والإعلام العمانيين، وإذا كان مظهر الانتفاخ والورم في الجسم يدعو للقلق كونه يعكس عارضا غير طبيعي ويقدم دليلا إكلينيكيا على وضع غير صحي يعيشه الجسم، فإن المسارعة بالعلاج وإجراء عملية جراحية للتخلص من هذا الانتفاخ والورم هي بمثابة الحتمية الضرورية ليعود هذا الجسم سليما معافى، وهو الأمر الذي يستدعيه الوضع الحالي لإعلامنا وصحافتنا، فما أحوج المؤسسة الصحفية والإعلامية لوضع أسس متينة لتنظيم العمل في المجال الصحفي والإعلامي، ورفع سقف مستوى الشروط المتطلبة للعمل في هذين المجالين، على أن يكون التميز على مستوى الثقافة والوعي على رأس هذه الشروط، فبالنسبة لبعض الأسماء من الصحفيين، والذي لم يتورع واحد من ضمنهم ذات مرة بوصف هؤلاء بالقامات الشاهقة في الصحافة العمانية، نجد أنهم فرضوا أنفسهم في غفلة من الزمن بلا ثقافة ولا وعي حقيقي وبلا خبرة تؤهلهم لتصدر المشهد الصحفي في السلطنة، وإنما هو مجرد شغل فراغ نظرا لغياب الكفاءات في هذا المجال، كذلك فإنه بالنسبة لبعض المذيعين مثلا نجد أنه أبعد من النرجسية المرضية لحب الظهور التي تلح عليهم لفرض أنفسهم في المجال الإعلامي سواء كان تلفزيونيا أو إذاعيا والتي تدفع بهم دفعا للتشبث بالعمل في هذا المجال لمجرد فرص الشهرة والظهور، نستطيع القول إنهم لا يملكون الموهبة وليس لديهم أفق لتطوير أنفسهم أو إضافة جديد يذكر في العمل الإذاعي والتلفزيوني.
للخروج من هذا الوضع والذي يعتبر في جانب منه نتاج سياسة التعمين العشوائي، لابد من تطبيق معايير وشروط الجودة في العمل الإعلامي والصحفي وتنظيم فرص الانخراط في هذين المجالين وذلك حسب معايير مهنية صارمة، وفي عصر يعتمد فيه على الإعلام في إيجاد وتشكيل الصورة وعكس الهوية وتسويقهما لابد من اعتبار إعلامنا وصحافتنا إنهما دون مبالغة بمثابة خط الدفاع الأول، وطالما أن العمل في صحافتنا وإعلامنا أشبه بدخول عرس بدون دعوة، فكم يبدو خط الدفاع هذا ضعيفا ومهلهلا!!.