بغداد ـ وكالات: وصل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي امس الأربعاء إلى مدينة تكريت ، وذلك بعد يوم واحد من دخول القوات الأمنية إلى المدينة ورفع العلم العراقي فوق مبنى محافظة صلاح الدين. ونقل موقع "السومرية نيوز" عنه القول إنه سيتم الاتفاق مع الحكومة المحلية بصلاح الدين على الإسراع بإعادة الأسر النازحة إلى المدينة وباقي المناطق المحررة ، مشيرا إلى وجود خطة مستقبلية لإعادة إعمار المحافظات المحررة. ودعا العبادي مجلس محافظة صلاح الدين إلى عقد جلسته المقبلة في تكريت ، ووجه قيادة شرطة المحافظة بتسلم الملف الأمني للمدينة. وبدأت القوات العراقية امس الاربعاء مطاردة المتطرفين بين الانقاض المنتشرة في شوارع مدينة تكريت بعد تحريرها من سيطرة الدولة الاسلامية وسط حذر من العبوات المفخخة التي تركوها خلفهم. واعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي "تحرير مدينة تكريت" ورفع العلم العراقي على مبنى محافظة صلاح الدين فيما يرى التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن بانه "ثمة عمل كبير يجب القيام به". وشهدت مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، احتفالات بعد ازالة راية الدولة الاسلامية السوداء ورفع العلم العراقي بدلا عنها، بعد عملية عسكرية كبيرة. كما عقد وزير الداخلية محمد الغبان مؤتمرا صحافيا خلال زيارته، حسبما افاد بيان رسمي.وقال الغبان "سنزف بشرى تطهير مدينة تكريت من الجيوب المتبقية فيها خلال الساعات القليلة المقبلة واعلانها محررة كاملة". واضاف ان "الهدف الاساس لهذه المعارك ليس تطهير الارض فقط وانما اعادة الحياة الطبيعية للمدن وبسط الامن فيها". ومازال مصير مئات المتطرفين مجهولا ويعتقد بان هناك من يتحصن منهم داخل مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد)، معقل الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. واشار متحدث باسم التحالف الدولي الذي وجه ضربات جوية ضد الجهاديين في تكريت بانه من السابق لاوانه ادعاء النصر في معركة مستمرة منذ عدة اشهر. وقال الميجور كيم ميكلسن "ما زالت اجزاء من المدينة تحت سيطرة داعش ومازال هناك عمل يجب القيام به". من جانبه، قال بريت ماكرك مبعوث نائب الرئيس الاميركي باراك اوباما الى التحالف، ان القوات العراقية حققت "تقدما شجاعا" في تكريت. واعترف كريم النوري القيادي في منظمة بدر احد ابزر الفصائل التي تقاتل في تكريت، بان تكريت لم تطهر تماما. وقال النوري ان "العديد من المباني مفخخة والقناصة مازالوا موجودين" في حي القادسية في شمالي تكريت. ويتنقل مقاتلون عراقيون بين الطرقات التي انتشر فيها مخلفات وانقاض لملاحقة ما بقي من المسلحين في المدينة. ونقلت مشاهد مصورة ، لقطات لمقاتلين يحتفلون وهم يقطعون راية سوداء وسط دمار تعرضت له المدينة. ولم يعلن عن عدد المسلحين الذين قتلوا او اصيبوا او اعتقلوا خلال المواجهات. كما لم تعلن المصادر الحكومية عن عدد الضحايا منذ بدء المواجهات في الثاني من مارس. وقامت القوات العراقية، الجيش والشرطة والحشد الشعبي ومقاتلين من ابناء عشائر سنية، بمحاصرة تكريت على مدى اسبوعين من سير العملية. وشهدت المعركة هدوءا احيانا بسبب حذر القوات الحكومية والموالية لها من تواجد القناصة والعبوات الناسفة التي زرعها الجهاديين كوسيلة دفاعية. وكانت ايران البلد الاجنبي الرئيسي الداعم للعراق في المراحل الاولى من المعركة لكن ضربات الجوية لدول التحالف اثبتت كفائتها في كسر ظهر مقاومة المسلحين. وكانت حكومة رئيس الوزراء نوري العبادي قد وجهت طلبا الى التحالف الذي تقوده واشنطن الذي بدأ بتقديم الدعم منذ اغسطس في مناطق متفرقة من العراق، بتوجيه ضربات جوية على تكريت. وبدات طائرات مقاتلة اميركية في 25 مارس، تنفيذ ضربات على تكريت كما شاركت طائرات فرنسية في العملية. لكن ضربات التحالف الجوية، دفعت بعض الفصائل الشيعية التي لعبت دورا كبيرا في المعارك، الى تجميد مشاركتها في الهجوم على تكريت. وقالت وزارة الدفاع الاميركية التي كانت قلقة من الدور الذي تلعبه ايران في العملية وحلفائها، بانها اشترطت تدخلها بتولي القوات النظامية (الحكومية) قيادة العملية. لكن بعد اعطى كل من الجانبين لنفسه غطاء سياسي، شارك كلاهما في الهجوم التي نفذت هذا الاسبوع. وفشلت القوات الحكومية في استعادة السيطرة على مدينة تكريت. وتم اخلاء شبه كامل لاهالي مدينة تكريت التي يسكنها حوالى 200 الف نسمة، قبل بدء العملية، ولايوجد اي مؤشر على بقاء البعض منهم خلال الايام الماضية. وبدأ الاف النازحين من اهالي محافظة صلاح الدين، حيث تقع تكريت، خلال الايام الماضية بالعودة من بغداد الى مناطق في صلاح الدين، التي تم تحريرها. لكن حجم الدمار الذي لحق بمدينة تكريت بسبب العبوات الناسفة التي فجرت فيها، قد يؤخر عودة الاهالي اليها.
وانتشرت آليات مدرعة تضررت خلال الهجوم، في الجانب الغربي من مدينة تكريت حيث سمعت اصوات طائرات مقاتلة تحوم في سماء المدينة. وقال رسول العبادي احد قادة كتائب الامام علي احد الفصائل الرئيسية المشاركة في المعركة، متحدثا ل "قبل حوالى ربع ساعة كنا نشتبك بالرصاص في شمالي تكريت" وقعت حوالى الحادية عشر صباحا (08,00 تغ)، وفقا للمصدر. واضاف ان "الدواعش يحاولون التقدم باتجاه جامعة تكريت" في شمالي المدينة. وتابع "لم يبقى اكثر من ثلاثين منهم في منطقة القادسية" شمالي المدينة. واكد ضابط برتبة عقيد في الجيش من قيادة عمليات صلاح الدين ان "القوات الامنية تسيطر على 95 بالمئة من مدينة تكريت، وهناك مواجهات متقطعة ". وذكر مصدر في مجلس المحافظة ان فرق من بلدية تكريت واخرى من الكهرباء باشرت اعمالها امس الاربعاء. وقال حاتم العاصي المتحدث باسم قوة تحرير الحويجة (شمال تكريت) ان "داعش هاجم قوات الحشد الشعبي المتواجدة في جبال حمرين والبوعجيل (كلاهما شمال تكريت) وتمكنت قواتنا من صد الهجوم". واكد انها "محاولة لفتح جبهة من ناحية الرشاد (95 كلم شمال تكريت) باتجاه تكريت لتأمين ثغرة لخروج فلوله الخاسرة". والتقى وزير الدفاع خالد العبادي جميع قادة وزارته لمناقشة التحضيرات المقبلة لاستعادة محافظة نينوى، كبرى مدنها الموصل . وقال وزير الدفاع ان "هذا النصر ليس الا نقطة استراتيجية جديدة للانطلاق عملية تحرير محافظة نينوى". على صعيد متصل شهدت مدينة تكريت ليلة
هادئة بعد ساعات من إعلان تحريرها من سيطرة عناصر داعش في عملية عسكرية واسعة النطاق شاركت فيها قوات عراقية بغطاء جوي من طيران التحالف الدولي في إطار عملية عسكرية شهدتها محافظة صلاح الدين منذ الثاني من الشهر الماضي وحتى الان . وتمكنت القوات العراقية من الدخول الى قضاء تكريت لأول مرة منذ سيطرة داعش على المدينة في العاشر من يونيو الماضي وتطهير جميع الابنية الحكومية والقصور الرئاسية التي شيدها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قبل اكثر من ثلاثة عقود. وتجول المسؤولون العراقيون وقادة الجيش والشرطة في شوارع تكريت التي فر منها داعش . وقال اللواء عبدالله الجبوري وهو ضابط سابق في الجيش العراقي المنحل لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن "معركة تكريت كانت ممتازة من حيث التخطيط والإعداد والتنفيذ حيث راعت مختلف جوانب العقيدة العسكرية للجيش العراقي وكذلك أخذت بنظر الاعتبار تطورات الحرب الحديثة وحرب المدن" . وأضاف "المعركة اعتمدت على مبدأ التنسيق ووحدة القيادة الذي شمل كل
القطاعات المشاركة في العملية العسكرية فضلاً عن دقة التنفيذ والالتزام بالواجبات المنوطة بالقوات المهاجمة وحسب الأهداف المكلفة بها" . ولم تسجل في مختلف احياء وشوارع المدينة الرئيسية امس اي حوادث لإطلاق النار او مواجهات مع عناصر داعش فيما استمرت القوات العراقية المشتركة بحملة لتمشيط وتفتيش المنازل ودوائر الدولة في مختلف ارجاء المدينة . وقال مصدر في قيادة شرطة صلاح الدين لـ (د.ب.أ) إن مدينة تكريت تحت سيطرة القوات العراقية وينتهي وجود عناصر داعش فيها خلال الساعات المقبلة بعد ان تصلها حملات التفتيش والدهم للمنازل والشوارع التي يمكن ان تكون مستقرة فيها". قال عمر الشنداح قائممقام تكريت لــ (د.ب.أ) إن حوالي 500 عنصر من متطوعي الحشد الشعبي لأبناء تكريت وقوات شرطة صلاح الدين بدأت بمسك المفاصل الرئيسة في المدينة بدلا من الشرطة الاتحادية وقوات الجيش التي ستكلف بمهام اخرى . ودعا رائد الجبوري محافظ صلاح الدين "مدراء الدوائر الخدمية الى الالتحاق بعملهم فوراً من اجل المباشرة بإعادة الخدمات للتهيئة لعودة السكان النازحين والذين يقدر عددهم بـ150 الف نازح". وذكر احمد التكريتي وهو من المتطوعين المشاركين في عملية التطهير إن "المدينة لم تشهد تخريباً كبيراً بالرغم من عمليات القصف التي تعرضت لها خلال الشهر الماضي وخصوصاً الايام الاربعة الماضية وان هناك اضراراً في مجمع القصور الرئاسية وبعض مناطق حي القادسية لكن بقية احياء المدينة يمكن العودة اليها وممارسة الحياة الطبيعية بعد توفر الخدمات لها ". وتتأهب قيادة عمليات صلاح الدين لشن هجوم على المناطق الواقعة بين نهر دجلة وطريق تكريت بيجي وصولاً الى مصفى التكرير في بيجي التي مازال قسم من عناصر داعش يتحصنون فيها ويشنون هجمات على القوات العراقية المتواجدة على طول الطريق والقرى بين تكريت و بيجي بهدف تحريرها . وقال الخبير العسكري العميد الركن عبد الله خلف لـ(د.ب.أ) إن "هزيمة داعش في تكريت ستقود لهزائم أسرع في المناطق الأخرى في محيط بيجي والحويجة والشرقاط والقيارة وصولا نحو الموصل التي ستحرر بوقت قياسي فيما لو توفرت ظروف المعركة من حيث الاعداد والتدريب والتجهيز والتسليح
والقيادة والسيطرة" . وقال إن "عامل فقدان الأراضي التي سيطر عليها داعش لن يؤدي إلى تجميع قواته في مناطق محددة لها القدرة على المطاولة في القتال بل سيؤدي إلى انهيار معنوي يجعل تلك القوات غير قادرة على المطاولة بسبب قناعتها
بأنها ستهزم في إي مواجهة نتيجة لاختلاف التسليح والتجهيز و توفر المبدأ لدى القوات التي تقاتل عناصر التنظيم".