تمضي السلطنة في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة بخطى ثابتة وعبر رؤية واضحة ومنهجية بفضل راعي نهضة عُمان الحديثة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي يضع ميزانًا دقيقًا للتوازن بين الاعتبارات المرتبطة بالأمن الوطني من جهة، وعملية إقامة البنية الأساسية لعُمان المستقبل على المستوى المدني من جهة أخرى. أما في الجانب الأول فيحرص جلالته ـ أبقاه الله ـ على تجهيز قواته المسلحة بما تحتاجه من رجال وعتاد، وتطويرها وفق أحدث التقنيات العسكرية الحديثة، ورفع جاهزيتها وتأهيل كوادرها تعليمًا وتدريبًا لحماية مكتسبات هذا الوطن الغالي ومنجزاته، وحتى يتوفر مناخ الاستقرار والسلام القائم على القوة واحترام قدسية تراب الوطن وتوازن العلاقة مع الجميع في إطار دفاعي لا يتجاوز حدودنا الوطنية ومياهنا الإقليمية، وضمن هذه الرؤية احتفلت أمس السلطنة ممثلة في البحرية السلطانية العمانية باستلام السفينة "السيب" أولى ثـمار مشروع أفق، وتدشين السفينة "شناص" ثاني ثـمار هذا المشروع، القاضي بتزويد البحرية السلطانية العمانية بأربع سفن دوريات ساحلية تتمتع بأحدث الأجهزة والمعدات والأنظمة الدفاعية الحديثة التي ستمكنها من القيام بمهامها العسكرية في عرض البحر بكل كفاءة واقتدار، وبما يلبي احتياجات البحرية السلطانية العمانية ويساندها في تأدية مهامها الوطنية على الوجه الأكمل وحماية مكتسبات النهضة العمانية والمشاريع التنموية الحديثة، ولكي تقوم بواجبها ضمن القوات الأخرى على تنفيذ المهام المنوطة بها، سواء على الصعيد العسكري أو الصعيد المدني من دعم وإسناد للعمليات الأمنية التي تستهدف حماية حدودنا ومياهنا الإقليمية من أي عمليات تهريب أو هجرة غير مشروعة أو تسلل أو انتهاك للسيادة والقانون من أي نوع كان، وكذلك لعمليات الإنقاذ.
ما من شك أن هذه السفن الأربع (السيب وشناص، والاثنتين الأخريين)، مواكبة لأحدث معايير التحديث والتطوير في الأسلحة والمعدات، يضاف إلى ذلك جهد أكبر على مستوى تأهيل القوة البشرية التي تقوم على تسيير هذه السفن وهم بدورهم ينالون أفضل تدريب ممكن وأفضل دراسات عسكرية واستراتيجية متخصصة، ليس في مجال البحرية السلطانية وحدها، وإنما في كافة أفرع قوات السلطان المسلحة.
وبالطبع يتوازى الاهتمام بالجوانب المتعلقة بالأمن الوطني ومقتضياته مع حركة تنمية واعدة على المستوى المدني وبخاصة برامج التدريب والتأهيل للموارد البشرية وإعدادها للانخراط في المشروعات الإنتاجية الكبرى، ولتأمين فرص عمل توفر لشبابنا الحياة الكريمة والاستقرار الاجتماعي والمعيشي، وكذلك رفد المؤسسات التعليمية والمهنية والتقنية بما تحتاجه من برامج تقنية وورش فنية وآلات حديثة لتواكب مسيرة التعليم والتدريب والتأهيل، حيث تم أمس بديوان عام وزارة القوى العاملة التوقيع على ست عشرة (16) اتفاقية تدريب مقرونة بالتشغيل مع عدد من المعاهد التدريبية والتقنية بالقطاع الخاص بتكلفة إجمالية بلغت قيمتها (920) ألفًا و(770) ريالًا عمانيًّا لتدريب وتشغيل (381) مواطنًا عمانيًّا. وكذلك لإنشاء ورشة ميكانيكية بمركز التدريب المهني في ولاية السيب، ولتوفير رخص برامج المايكروسوفت للكليات التقنية ومراكز التدريب المهني. ومن المؤكد أن رفع المهارات الفنية والإدارية وتكامل الجهود بين القطاعين العام والخاص يعزز إمكانات تحقيق التنمية المستدامة وفرص النمو والازدهار الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين، لتتكامل هذه الجهود بدورها مع الجهود القائمة على صعيد الأمن الوطني.
وهكذا تتكامل مقومات التنمية الاقتصادية وتتعزز خطواتها التي تشمل كافة ترابنا الوطني ومن أجل رخاء كل مواطن يعيش عليه في أمن وأمان واستقرار.