طهران – عواصم – وكالات :
رحبت طهران أمس باتفاق الإطار حول برنامجها النووي الذي توصلت فيه الخميس مع القوى العظمى ، وذلك وسط إشادات دولية عدة ، في حين قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده ستفتح صفحة جديدة مع العالم بعد توقيع الاتفاق النهائي حول برنامجها النووي ورفع العقوبات عنها. يأتي ذلك بينما عبر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس الاميركي باراك أوباما عن الأمل في التوصل الى اتفاق "نهائي ملزم" مع ايران يؤدي الى "تعزيز أمن واستقرار المنطقة، وفقا لمصدر رسمي. فيما أعلن كبير المفاوضين الروس في المفاوضات حول الملف النووي الايراني ان روسيا على استعداد لتزويد ايران بالوقود الجديد للمفاعلات التي بنتها موسكو في ايران . فيما ، طالب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بان يتضمن أى اتفاق نووي نهائي بين ايران والسداسية إعتراف إيران بحق إسرائيل فى الوجود .
واستُقبل المفاوضون الإيرانيون بحفاوة الأبطال لدى عودتهم الى طهران غداة الاعلان عن التوصل الى اتفاق اطار حول برنامج ايران النووي مع القوى العظمى ، ولقي وزير الخارجية محمد جواد ظريف وفريقه من الخبراء استقبالا حارا في مطار طهران من عشرات الشبان ، وردد الحشد "يحيا ظريف، يحيا عراقجي" في اشارة الى مساعد الوزير عباس عراقجي. وحياهم ظريف وهو يبتسم، وفق مشاهد بثها التلفزيون. وفي تصريحات مقتضبة، شكر ظريف المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي الذي يحتفظ بكلمة الفصل في الملف النووي، على "دعمه اللافت". واشار ظريف الى انه "مقابل المكاسب التي حصلنا عليها، سنقدم بعض الامور من اجل امكانية التقدم".
واثار الاعلان عن الاتفاق المرحلي ليل الخميس مظاهر فرح في طهران حيث نزل السكان الى الشارع مطلقين العنان لأبواقهم وراقصين على الأرصفة وهم يرفعون شارات النصر ويلوحون بمناديل بيضاء.
من جانبه ، شدد الرئيس الايراني حسن روحاني على رغبة بلاده في إقامة علاقات جيدة مع دول الجوار وعلى ضرورة إنهاء النزاعات التي تشهدها المنطقة كافة. وأكد في خطاب متلفز أنه ينبغي أن يعمل العالم بحسب قاعدة "ربح- ربح وبمنطق التعاون"، مشيرا إلى أن "الضغوط والتهديدات لم يجديا نفعا، والاتفاق الحالي يؤكد على سلامة نهج إيران وخطواته الموحدة في الموقف والكلمة". وأضاف روحاني أن "مسيرة الشعب الإيراني مسيرة صحيحة أظهرت للعالم تماسك جميع مكوناته"، مؤكدا أن إيران "ملتزمة بوعودها وتنتظر أن يفي الطرف الآخر بوعوده".
وفي السياق ، افادت وكالة الانباء السعودية ان اوباما اجرى اتصالا هاتفيا بالملك سلمان يؤكد فيه التوصل مع إيران إلى اتفاق إطار بشأن ملفها النووي، "مبدياً حرص بلاده على السلام والاستقرار في المنطقة". واضافت ان الملك السعودي عبر "عن أمله في أن يتم الوصول إلى اتفاق نهائي ملزم يؤدي إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم".
وينص الاتفاق على رفع العقوبات الاميركية والاوروبية فور تاكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية على احترام ايران تعهداتها على ان يعاد فرضها اذا لم يطبق الاتفاق. اما العقوبات المفروضة بموجب قرارات من مجلس الأمن الدولي، فترفع ما أن تحترم إيران كل النقاط الأساسية في الاتفاق.
وفي إطار ردود الفعل الدولية ، كان الرئيس الأميركي اول من علق بعد دقائق على اعلان التوصل الى اتفاق في لوزان "انا على ثقة بانه واذا ادى هذا الاتفاق الاطار الى اتفاق شامل ونهائي فان بلادنا وحلفاءها والعالم سيكونون في امان اكبر". واضاف ان "ايران ستخضع للتفتيش اكثر من اي دولة اخرى في العالم"، لكنه حذر بانه "اذا تحايلت ايران، سيعلم العالم، واذا لاحظنا اي امر مريب سنقوم بعمليات تفتيش". وعلق وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان "مطالبة ايران بالرضوخ بكل بساطة يبدو امرار مغريا لكنها ليست سياسة دولة". وقال انه "مقابل تعاون ايران في المستقبل فإننا مع شركائنا الدوليين سنرفع على مراحل العقوبات التي أثرت على الاقتصاد الايراني". ولكن كيري اكد "اذا وجدنا في اي وقت ان ايران غير ملتزمة بهذا الاتفاق، فيمكن بسرعة اعادة فرض هذه العقوبات". ودون ان يحدد جدولا زمنيا لرفع العقوبات قال كيري "ان مسألة ما بين ستة اشهر وسنة تقريبا هي ما سيستغرقه الامر للبدء بالالتزام بكل الخطوات النووية الضرورية المطلوب اتخاذها وعندها نبدأ بمسألة الرفع التدريجي. ينبغي أن تتخذ تلك الخطوات أولا". وقالت وزارة الخارجية الاميركية في بيان ان الامم المتحدة سترفع كذلك العقوبات المتصلة بالبرنامج النووي "تزامنا مع استكمال ايران للاعمال المتعلقة بالمخاوف الرئيسية".
من جانبها ، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فديريكا موغيريني ان "الاتحاد الاوروبي سيوقف العمل بكل العقوبات المالية والاقتصادية المتصلة بالبرنامج النووي" واضافت ان الولايات المتحدة كذلك "ستوقف تطبيق كل العقوبات المالية والاقتصادية المتصلة بالبرنامج النووي بالتزامن مع تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تطبيق ايران لالتزاماتها الرئيسية في مجال النووي".
الى ذلك ،اعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون انه "ليس هناك ادنى شك ان الاتفاق حول النووي الايراني سيكون له تأثير ايجابي على الوضع الامني العام في الشرق الاوسط اذ ستكون ايران قادرة على المشاركة في شكل اكثر فاعلية في حل عدد من المشاكل والنزاعات في المنطقة". من جهته ، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان مسالة رفع العقوبات عن ايران "لم تتم تسويتها تماما بعد" موضحا ان "الايرانيين يريدون رفع كل العقوبات دفعة واحدة ، لكننا نقول لهم يجب رفع العقوبات بالتدريج ووفق تطبيقكم لالتزاماتكم، واذا اخللتم بها من الواضح اننا سنعود الى الوضع السابق". أما وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير فاعتبر أنه "من المبكر جدا الاحتفال" بالاتفاق. وأضاف أن "كل مفاوض ، يعلم أنه ليس هناك أي ضمانة لنجاح المفاوضات". وأشاد وزير الحكومة البريطاني دايفيد كاميرون "باتفاق صلب يقطع كافة الطرق امام حيازة القنبلة النووية". وابدت روسيا استعدادها لتزويد إيران بالوقود الجديد للمفاعلات التي بنتها موسكو في ايران مشيرة الى انه "ما زال ينبغي توضيح نقاط كثيرة". كذلك رحب وزير الخارجية التركي مولود جاوش اوغلو بالاتفاق.
وبالرغم من الاشادة الدولية باتفاق الاطار، الذي يفتح الطريق امام حل نهائي لازمة طالت سنوات مع ايران، وصفته اسرائيل بالسييء مطالبة بآخر افضل يضمن اعتراف ايران بحق اسرائيل بالوجود. واشار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى ان الحل لا يقع بين خيارين هما الاتفاق السيء او الحرب، بل هناك "خيار ثالث وهو الوقوف بصرامة وزيادة الضغط على ايران حتى التوصل الى اتفاق جيد". وتابع في بيان ان "اسرائيل تطلب ان يتضمن اي اتفاق نهائي مع ايران اعترافا ايرانيا واضحا وغير مبهم بحق اسرائيل في الوجود". واضاف نتانياهو ان "الحكومة موحدة في رفضها القاطع للاتفاق المقترح"، مضيفا ان "هذا الاتفاق يشكل خطرا كبيرا على المنطقة والعالم، ومن الممكن ان يهدد بقاء دولة اسرائيل".