[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضان
صحفي مصري[/author]
” .. تكتمل الكارثة عندما تستغل الدول الكبرى عن طريق اجهزة مخابراتها وعناصرها المرتزقة داخل الدول في اشكال نشطاء سياسيين أو حقوقيين أو معارضة غير وطنية في الوصول لتلك الفصائل وتشكيلها من الأصل ودعم عناصرها بالمال والسلاح ومساندتها سياسيا لتكوين دولة موازية تستغل في ازاحة نظام غير مرغوب فية وصعود اخر خفيف الظل مستأنس،”
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما تقترب الدولة من الترهل والفشل ولا تستطيع التحكم في مجريات الصراع على الارض تظهر على الواجهة جماعات المصالح او الفصائل السياسية أو الجماعات الدينية التي تتخذ من الدين ستارا لتمرير اهدفها واطماعها المعلن منها والمختفي .. بل وعندما يمعن النظام السياسي للدولة في الفساد والديكتاتورية فإنه يستفيد من تلك الجماعات أو الفصائل ويستخدمها في ضرب عناصر أخرى تواجهه وتصارع معه كما فعل انور السادات في تقوية شوكة التيارات الدينية في ضرب التيار الشيوعي المتغلغل آنذاك في مفاصل الدولة وقد نجحت تلك التيارات في القضاء على التيار الشيوعي بل وقضت على السادات نفسه وقتله في حادث المنصة الشهير وتتطور اهداف تلك الفصائل طبقا لدرجة رخاوة أو تشدد النظام السياسي. فإذا فشلت الدولة في توفير الحد المعقول من الأمن والعدل والعيش الكريم، أو جاءت القوانين منفصمة عن الواقع والأعراف أو غير قابلة للتطبيق، أو عجزت الدولة عن توفير الخدمات الأساسية من رعاية صحية أو خدمات تعليمية يسعى الأفراد والجماعات للحصول على هذه الخدمات الضرورية لحياتهم بصورة مستقلة عن الدولة، فإذا تعمقت الفجوة بين ما تفرضه الدولة من قوانين وبين ما يمكن الالتزام به، أو بين ما هو مفروض وما يتم تطبيقه بالفعل، زادت الهوة بين الدولة الرسمية والدولة الحقيقية وهنا تكمن الخطورة في تنامي وترعرع تلك الفصائل التي تستغل الوضع السائد لتندس بين فئات الشعب تنشر افكارها وتزرع معتقداتها كما فعلت جماعة الإخوان المسلمين كمثال على ظهور "دويلة موازية" وتنامي سلطانها ونفوذها. فالجماعة رغم أنها تعمل خارج الإطار الرسمي للدولة ـ بل ربما لأنها تعمل خارج هذا الإطار - فقد استطاعت تدريجيًّا أن تسيطر على العديد من النقابات، وتتغلغل داخل الجامعات، وأنشأت شبكة موازية لتقديم العديد من الخدمات الاجتماعية والتكافلية، لتسد بعض النقص الذي ظهر نتيجة لغياب الدولة الرسمية وفشلها، فقد ارتفعت قدرتها التنافسية واستطاعت أن تنجح في النمو بعيداً عن أعين الدولة، وتنشر دعوتها من خلال منابر المساجد وعندما مركزت قواعدها وتعمقت داخل معظم اركان الدولة وصل بها المطاف لترى نفسها دولة موازية مناوئة للنظام وهو محور الصراع السائد بين الدولة المصرية وتلك الجماعة التي تعمل كدولة أو هكذا تتخيل.
وتكتمل الكارثة عندما تستغل الدول الكبرى عن طريق أجهزة مخابراتها وعناصرها المرتزقة داخل الدول في اشكال نشطاء سياسيين أو حقوقيين أو معارضة غير وطنية في الوصول لتلك الفصائل وتشكيلها من الأصل ودعم عناصرها بالمال والسلاح ومساندتها سياسيا لتكوين دولة موازية تستغل في ازاحة نظام غير مرغوب فية وصعود اخر خفيف الظل مستأنس، او بالأحرى مرتزقة، أو تخريب الدولة وفك مفاصلها وانهيارها وتفتيتها لصالح الكيان الصهيوني. وحدث هذا جليا في تكوين دولة جبهة النصرة الموازية للنظام السوري لإسقاط الرئيس بشار الاسد وكما حدث في تكوين دولة داعش الموازية لدول الشام في سوريا والعراق وتفتيت الدولة العراقية إلى ثلاثة اقاليم شيعية جنوبا كردية شمالا سنية في الوسط بل سرقة النفط في تلك المناطق وبيعه بأبخس الأثمان للتحكم في اسعار تلك السلع الاستراتيجية.
ويتواصل مسلسل اقامة كيانات او جماعات بل عصابات موازية للدولة المراد السطو عليها وتنفيذ المخطط المراد، يحدث هذا في ليبيا وامامنا حكومة طبرق المعترف بها دوليا في مقابل الدولة الموازية في مدينة درنة حيث سيطر عليها الإسلاميون المتشددون، وكما تسيطر جماعة انصار الشريعة على بنغازي في مواجهة جيش حفتر. حيث لا دولة ولا نظام والان ليبيا النموذح الامثل للدولة الفاشلة والمراد نسخه طبق الاصل لمعظم الدول العربية.
ولا عجب هنا في سر تهافت الدول المتعطشة للنفوذ والسلطة في الصراع والوصول للاقليات العرقية أو الاثنية أو العناصر المضطهدة أو الجماعات الدينية العقائدية أو المعارضة ودعمهم ماليا وسياسيا وحثهم على استقطاب العناصر المتماثلة معهم أو المؤيدة لهم لتكوين كيانات موازية ومناهضة للأنظمة ويتم استغلالها في الوقت المناسب للانقلاب على الدولة وتنفيذ مخططات سابقة التجهيز تصل في نهاية المطاف إلى تحطيم الدولة ليصبح بعد ذلك كل شيء مباحا.